للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقدر نظام التوحيد:

فمن وحد الله .. وآمن بالقدر .. تم توحيده، ومن وحد الله .. وكذب بالقدر .. نقض تكذيبه توحيده.

والمخاصمون في القدر فريقان:

أحدهما: من يبطل أمر الله ونهيه بقضائه وقدره كما قال سبحانه: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: ١٤٨].

الثاني: من ينكر قضاء الله وقدره السابق.

والطائفتان كلاهما خصماء لله، ومن كذب بالقدر فقد كذب بالإسلام، فإن الله تبارك وتعالى قدر أقداراً، وخلق الخلق بقدر، وقسم الآجال بقدر، وقسم الأرزاق بقدر، وقسم العافية بقدر، وقسم البلاء بقدر، وأمر ونهى، وأحل وحرم، كما قال سبحانه: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (٤٩)} [القمر: ٤٩].

وقال سبحانه: {وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ (٥٢) وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ (٥٣)} [القمر: ٥٢، ٥٣].

والقدر هو تقدير الله للكائنات، وهو سر مكتوم لا يعلمه إلا الله ومن شاء من خلقه، ولا نعلمه إلا بعد وقوعه سواء أكان خيراً أم شراً.

ومراتب الإيمان بالقدر أربع:

الأولى: العلم، بأن يؤمن العبد أن الله تعالى علم كل شيء جملةً وتفصيلاً، يعلم سبحانه ما كان وما يكون وما سيكون كما قال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٦٢)} [العنكبوت: ٦٢].

الثانية: الكتابة، بأن يؤمن العبد أن الله تعالى كتب كل شيء جملةً وتفصيلاً كما قال سبحانه: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (٧٠)} [الحج: ٧٠].

الثالثة: المشيئة، بأن يؤمن العبد أن كل شيء في العالم العلوي والسفلي كائن بمشيئة الله وإرادته، إذ لا يكون في ملكه سبحانه ما لا يريده، فما شاء الله كان،

<<  <  ج: ص:  >  >>