جزاف، ولا شيء عبث، ولا شيء مصادفة، ولا شيء ارتجال: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (٤٩)} [القمر: ٤٩].
قدر يحدد وجوده .. وقدر يحدد حقيقته .. وقدر يحدد صفته .. وقدر يحدد وظيفته .. وقدر يحدد مقداره .. وقدر يحدد عمره .. وقدر يحدد مكانه .. وقدر يحدد زمانه .. وقدر يحدد ارتباطه بما حوله من أشياء .. وقدر يحدد تأثيره في كيان هذا الوجود.
قدر في كل شيء .. قدر يحدد الأبعاد بين النجوم والكواكب .. وأحجام المخلوقات وكتلها .. وألوانها وصورها .. ونموها وتكاثرها .. وسيرها وحركتها: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (٤٩)} [القمر: ٤٩].
قدر يحدد وضع الأرض التي نعيش عليها، لتكون صالحة لنوع الحياة التي قدر الله أن تكون فيها.
فحجم هذه الأرض .. وبعدها عن الشمس .. وكتلة الشمس .. ودرجة حرارتها .. وميل الأرض على محورها بهذا القدر .. ودورة الفلك .. وبعد الشمس والقمر عن الأرض .. وتوزيع الماء واليابس في هذه الأرض .. ومهاب الرياح .. واختلاف الفصول .. إلى آلاف من هذه النسب المقدرة تقديراً دقيقاً .. لو وقع الاختلال في أي منها لتبدل كل شيء.
فسبحان العليم القدير، الذي قدر هذه المقادير والأقدار.
والنسبة بين عوامل الحياة والبقاء .. وعوامل الموت والفناء .. في البيئة، وفي طبيعة الأحياء .. من نبات وحيوان وإنسان .. محفوظة دائماً بالقدر الذي يسمح بنشأة الحياة وبقائها .. وامتدادها وانضباطها.
فمثلاً الجوارح التي تتغذى بصغار الطيور قليلة العدد، قليلة التفريخ، ولا تعيش إلا في مناطق محدودة.
وهي في مقابل هذا طويلة الأعمار، ولو كانت مع عمرها الطويل كثيرة الفراخ، تستطيع الحياة في كل موطن، لقضت على صغار الطيور، وأفنتها على كثرتها