لأن الله يعده ليتولى أمر مصر وشعبها، والشعوب المجاورة في سني القحط السبع، ثم ماذا؟.
ليستقدم أبويه وإخوته، ليكون من نسلهم شعب بني إسرائيل، ليضطهدهم فرعون، لينشأ من بينهم موسى - صلى الله عليه وسلم -، وما صاحب حياته من تقدير وتدبير، وظهور آيات الله، التي غيرت مجرى العالم كله.
وزواج إبراهيم جد يعقوب من هاجر المصرية، لم يكن ذلك حادثاً شخصياً.
إنما كان وما سبقه في حياة إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - من أحداث أدت إلى مغادرته موطنه في العراق، ومروره بمصر ليأخذ منها هاجر، لتلد له إسماعيل، ليسكن إسماعيل وأمه عند البيت المحرم.
ليبلغ إسماعيل ثم يتزوج، ليكون من نسله محمد - صلى الله عليه وسلم -، ليكون من ذلك كله ذلك الحدث الأكبر ببعثة محمد - صلى الله عليه وسلم - رسولاً إلى البشرية كافة.
إن قدر الله وراء طرف الخيط البعيد لكل حادث، ولكل نشأة، ولكل مصير، ووراء كل نقطة، وكل خطوة، وكل تبديل أو تغيير، إنه قدر الله النافذ الشامل الدقيق العميق.
ولكن البشر أحياناً يرون طرف الخيط القريب ولا يرون طرفه البعيد، وأحياناً يتطاول الزمن بين البدء والمصير في عمرهم القصير، فتخفى عليهم حكمة التدبير والتصريف.
فيستعجلون ويقترحون، وقد يسخطون أو يتطاولون.
والله تبارك وتعالى يعلمهم في القرآن أن كل شيء بقدر كما قال سبحانه: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (٤٩)} [القمر: ٤٩].
يعلمهم ليسلموا الأمر إلى صاحب الأمر، وتطمئن قلوبهم وتستريح، ويسيروا مع قدر الله في توافق وتناسق، وفي أنس بصحبة القدر الذي قدره المولى الكريم الرحيم.