إنها إشارة واحدة .. أو كلمة واحدة .. يتم بها كل أمر .. الجليل والصغير سواء .. وليس هنالك كبير ولا صغير أمام قدرة الله .. فهو الكبير وحده .. وما سواه صغير .. إنما ذلك تقدير البشر للأشياء.
وليس هناك زمن ولا ما يعادل لمح البصر، إنما هو تشبيه لتقريب الأمر إلى حس البشر، فالزمن إن هو إلا تصور بشري، ولا وجود له في حساب الله المطلق من هذه التصورات المحدودة.
فسبحان الملك الجبار، الواحد القهار، الخالق البارئ، الذي يخلق ما يشاء، ويحكم ما يريد، ويفعل ما يشاء بكلمة واحدة:
واحدة تنشئ هذا الوجود العظيم الهائل .. وواحدة تبدل فيه وتغير .. وواحدة تذهب به كما يشاء الله .. وواحدة تحيي كل حي .. وواحدة تذهب به هنا وهناك .. وواحدة ترده إلى الموت .. وواحدة تبعثه في صورة من الصور .. وواحدة تصعق الخلائق جميعاً .. وواحدة تبعثهم جميعاً .. وواحدة تجمعهم ليوم الحشر والحساب.
واحدة لا تحتاج إلى جهد .. ولا تحتاج إلى زمن .. واحدة من الرب تفعل كل شيء .. ومعها التقدير .. وكل أمر معها مقدر ميسور: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (٤٩) وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ (٥٠)} [القمر: ٤٩، ٥٠].
وبواحدة كان هلاك المكذبين على مدار القرون، قوم نوح وعاد وثمود، وقوم لوط، وقوم فرعون، وقوم شعيب، فهل من يتذكر ويعتبر؟.
وكل حدث .. وكل عمل .. وكل تدمير .. مكتوب مرقوم: {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (٥١) وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ (٥٢) وَكُلُّ صَغِيرٍ