للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبذلك يستفيدون من قدرة الله، ومن خزائن الله، بالإيمان والتقوى، فمن أطاع الله أكرمه، ومن عصاه عذبه.

وعند القيام بالدين يأتي البلاء والاختبار، فمن صبر فاز وأفلح، لأن الإنسان لا يترقى إلا بالاختبار كما في أمور الدنيا، فالحديد والذهب لا يصفو إلا بعد عرضه على النار: {سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (٢٣)} [الفتح: ٢٣].

وضعيف الإيمان، وقوي الإيمان، لكل منهما ابتلاء يخصه حسب إيمانه، وبقدر قوة الإيمان تكون قوة الابتلاء، حتى يترقى المسلم في درجات الإيمان، وكلما يترقى يفوز في الدنيا والآخرة، وأشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل.

قال الله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ (٣١)} [محمد: ٣١].

عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قال قلت يا رسول الله أي الناس أشد بلاءً؟ قال: «الأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْباً اشْتَدَّ بَلَاؤُهُ وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ فَمَا يَبْرَحُ الْبَلَاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ» أخرجه الترمذي وابن ماجة (١).

والأسباب كلها مخلوقة مأمورة، مملوكة لله عزَّ وجلَّ، وقد أمرنا الله عزَّ وجلَّ بفعل الأسباب، لأننا في دار الأسباب.

وإذا أردنا فعل الأسباب فلا بد من العلم بأمور:

أحدها: أن نفعل الأسباب ولا نتوكل عليها، بل نتوكل على الله وحده.

الثاني: ألا نجعل الشيء سبباً إلا بعلم، فمن أثبت شيئاً سبباً بلا علم أو خالف الشرع كان مبطلاً كمن يظن أن النذر سبب في دفع البلاء، وحصول النعماء، وقت ثبت شرعاً أن النذر لا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل.


(١) حسن صحيح: أخرجه الترمذي برقم (٢٣٩٨) وهذا لفظه، صحيح سنن الترمذي رقم (١٩٥٦).
وأخرجه ابن ماجه برقم (٤٠٢٣)، صحيح سنن ابن ماجه رقم (٣٢٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>