الثالث: أن السبب المعين وحده لا يستقل بحصول المطلوب، بل لا بد معه من أسباب أخر، ومع هذا فلها موانع، فإذا لم يكمل الله الأسباب، ويدفع الموانع، لم يحصل المقصود، فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.
الرابع: أن الأعمال لا يجوز أن يتخذ منها شيء سبباً إلا أن تكون مشروعة، فكما جعل الله الماء سبباً للحياة والإنبات، فقد جعل الشفاعة والدعاء سبباً لما يقضيه بذلك.
فلا يجوز للإنسان أن يشرك بالله فيدعو معه غيره، أو يعبده بالبدع التي تخالف الشرع، والشياطين قد تعين الإنسان على بعض مقاصده إذا أشرك، وهل بعد الشرك من ذنب؟.
ولا بد لكل عبد من الجمع بين الأمرين:
التوكل على الله .. وفعل الأسباب المأمور بها.
فيزرع الزرع .. ويتوكل على الله في إنمائه وحفظه وحصول ثمرته.
ويتزوج .. ويتوكل على الله في حصول الأولاد، فالزواج سبب وهو منك وأنت الذي تفعله، وأما حصول الأولاد فهو من الله.
وتدعو إلى الله .. وتتوكل على الله في حصول الهداية، وهكذا.
والله عزَّ وجلَّ يعلم الأمور على ما هي عليه، وهو قد جعل للأشياء أسباباً تكون بها، فيعلم أنها تكون بتلك الأسباب.
كما يعلم أن هذا يولد له بأن يطأ امرأة فيحبلها.
فلو قال أحد إذا علم الله وقدر أنه يولد لي فلا حاجة الي الوطء، كان أحمقَ، لأن الله علم أنه سيكون بما يقدره من الوطء.
وكذلك إذا علم الله أن هذا يشبع بالأكل، وهذا يروى بالشرب، وهذا يموت بالقتل، فلا بد من الأسباب التي علم الله أن هذه الأمور تكون بها.
وكذلك إذا علم الله أن هذا يكون سعيداً في الآخرة، وهذا يكون شقياً في الآخرة، وهذا في الجنة، وهذا في النار.