للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كالمعطي والمانع، والمعز والمذل، والنافع والضار، ونحو ذلك، وليس في أسماء الله اسم يتضمن الشر، وإنما يذكر الشر في مفعولاته المنفصلة.

الثاني: أن يضاف الشر إلى الفاعل كما قال سبحانه: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (٧٩)} [النساء: ٧٩].

الثالث: أن يحذف الفاعل كما قال سبحانه: {وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا (١٠)} [الجن: ١٠].

إن في عقوبة من يصول على أموال الناس بالقطع خير محض.

وفي عقوبة من يصول على دين الناس ويحول بينهم وبين الهدى بالقتل خير محض.

وفي دفع هذا الصائل بالقطع .. ودفع ذلك بالقتل خير محض، وحكمة وعدل، وإحسان إلى العبيد، وهي شر بالنسبة للصائل الباغي.

فسبحان الحكيم العليم الذي يضع رحمته وبره وإحسانه موضعه، ويضع عقوبته وعدله وانتقامه موضعه، وكلاهما مقتضى عزته وحكمته، وهو العزيز الحكيم.

فلا يليق بحكمته أن يضع رضاه ورحمته موضع العقوبة والغضب.

ولا يضع غضبه وعقوبته موضع رضاه ورحمته، وقد قال سبحانه: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (٣٥) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (٣٦)} [القلم: ٣٥، ٣٦].

وقال سبحانه: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ (٢٨)} [ص: ٢٨].

وقد فطر الله عقول العباد على استقباح وضع العقوبة والانتقام في موضع الرحمة والإحسان، أو وضع الرحمة والإحسان في موضع العقوبة والانتقام.

هذه فطرة الله التي فطر الناس عليها .. وحكمته التي لا يخلو شيء في الكون منها.

فما للعقول والفطر لا تشهد حكمة الله البالغة وعزته وعدله في وضع عقوبته في أولى المحال بها وأحقها بالعقوبة؟.

<<  <  ج: ص:  >  >>