عن عاصم يكون قد كذب في الرواية، لأنه خلط قراءة حمزة برواية حفص.
* أما من كان متعبدا بتلاوته، فالتلفيق جائز مقبول شرعا، وإن كان معيبا في عرف القراء، إذ من شأن أهل القرآن أن يكونوا قدوة للناس في الالتزام بالروايات وتخليص بعضها من بعض، ليدرك الناس حدود وقواعد كل قراءة ورواية.
* ويشهد لصحة هذا المذهب قول الله تعالى: فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ [المزمل: ٢٠]. فكل ما هو قرآن جائزة تلاوته تعبدا ما دام منضبطا بالضابط السابق. كما أن القرآن نزل بالأحرف السبعة تيسيرا على الناس، فمتى ما أوجبنا على الناس قراءة كل رواية على حدة شق ذلك عليهم، وبذا نغفل حكمة إنزال القرآن بأحرفه السبعة.
(ر- الأحرف السبعة).
* ولا يعني ذلك أن يصبح القرآن كلأ مباحا لكل راتع، بل يجب على العلماء أن يعنوا بتعليم الناس وإقرائهم القراءة عليهم، لنشر ما تواتر من قراءات القرآن الكريم ورواياته. وإن الذي أنزل القرآن على هذا النسق المعجز هو حافظه من التحريف التبديل والنقصان والزيادة، ومن ثم فلا خوف على قراءات القرآن ورواياته. قال الله تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ [الحجر: ٩].
[التلقين]
:- أسلوب من أساليب تحمّل القرآن الكريم ودراسته وحفظه. وهو يعني سماع القرآن الكريم من المقرئ المعلم بلفظه وقراءته.
- ويمكننا الاستشهاد للتلقين بتلقين جبريل القرآن لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم، حيث كان ينزل جبريل بالقرآن فيلقنه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، والذي كان من بالغ حرصه يستعجل في الرد والترداد، فقال الله سبحانه له: لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (١٧) فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (١٨)[القيامة: ١٦ - ١٨].
- وقد أخذ كثير من الصحابة القرآن عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم تلقينا، فابن مسعود يقول: أخذت من فم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ستين سورة. فمنهم من لقنه النبي الكريم مباشرة، ومنهم من تلقى القرآن من خلال استماعه للقرآن في الصلاة وهكذا.
- ومع تلقي القرآن تلقينا عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كانوا كذلك يعرضون عليه القرآن، وذلك كما فعل ابن مسعود لما قرأ على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعض سورة النساء.