الناس كلهم، وعرض عليهم معالم الحق وأسباب الصلاح في الدنيا والآخرة.
وهذا كما في قصص وأخبار الأمم الماضية، وكآيات الآفاق والأنفس ودلائل التوحيد.
٢ - قسم نزل عقب حادثة أو سؤال، وهذا النوع يتضمن كثيرا من آيات التشريع والأحكام العملية.
ومثاله: آيات الظهار في سورة المجادلة، وآية السؤال عن الخمر والميسر، إلى غير ذلك.
وعن خباب بن الأرت قال: كنت قينا (حدادا)، وكان لي على العاص بن وائل دين، فجئت أتقاضاه ديني. فقال لي: لا أعطيك دينك حتى تكفر بمحمد، وتعبد اللات والعزّى. فقلت: لا أكفر حتى يميتك الله ثم يبعثك. فقال: إني إذا لميت ثم مبعوث، فانتظرني إلى ذلك اليوم، فسأوتى مالا وولدا، فأوفّيك دينك.
فأنزل الله سبحانه قوله: أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا وَقالَ لَأُوتَيَنَّ مالًا وَوَلَداً [مريم: ٧٧].
[فائدة معرفة أسباب النزول]
: معرفة سبب النزول يعين على تبيّن الحكمة الباعثة على تشريع الحكم، وذلك من خلال تصور واقع التنزيل وحيثياته، فيستفاد من استحضار سبب النزول في استنباط الأحكام.
[مثال يوضح أهمية العلم بسبب النزول]
: قال الله تعالى: وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ [البقرة: ١١٥].
ظاهر الآية أنه يشرع للمسلم أن يولّي وجهه حيث شاء، ولكن مما علم ضرورة من الشرع أن الواجب على المصلي أن يولي وجهه شطر المسجد الحرام.
فإذا رجعنا إلى أسباب النزول تبين لنا أن الآية نزلت في تحري القبلة والاجتهاد في طلبها، فمن اجتهد في ذلك وصلى فلا حرج عليه وإن أخطأ في وجهته.
ومما يجدر ذكره أن غالب ما روي من أسباب النزول أحاديث ضعيفة لا يستقيم الاحتجاج بها.
ولذا جرّد بعض العلماء والباحثين المحدثين الأحاديث الصحيحة الواردة أسبابا للنزول نحو: (الصحيح المسند من أسباب النزول للوادعي).
ولذا يعتمد على ما صح إسناده دون سواه، فيذكر مثلا لنزول سورة (والضحى) سببان: أحدهما: ما رواه الشيخان عن جندب قال: اشتكى النبي صلّى الله عليه وسلّم فلم يقم ليلة أو ليلتين، فأتته امرأة فقالت: يا محمد، ما أرى شيطانك إلا قد تركك وقلاك. فنزلت السورة.