: كان المتبع عند القراء قبل القرن الخامس الهجري إفراد كل قراءة بختمة بل كل رواية بختمة، ولم يكن جمع القراءات متبعا عندهم على الإطلاق.
وظهر جمع القراءات في ختمة واحدة في القرن الخامس للهجرة، وأحدث ردود فعل متباينة، فمن القراء من منعه وحذر منه، ومنهم من قبله ولكن بشروط مقيدة، فقد دعت الحاجة إليه لما عزف الطلبة عن إفراد القراءات لما تحتاجه من زمن، ولذا جمع الناس القراءات، ودرج الناس على ذلك حتى زماننا هذا.
وجمع القراءات حسن نافع لمن تأهل لذلك وضبط خلاف الروايات والقراءات أصولا وفرشا.
(انظر: جمع القراءات).
وبتطاول الزمن ومر الأيام وتكاثر أسانيد وروايات القرآن تشعبت الطرق وكثرت الأوجه، مما دعا إلى تنظيم القراءات وتميز بعضها عن بعض، لأن من شروط الجمع عدم التركيب في القراءة الواحدة.
ومن هنا قام العلماء المحققون المحررون لمواطن الخلاف المنظمون للطرق والأوجه والروايات فقاموا بجهد بالغ خدمة لكتاب الله العظيم.
ولقد اعتمد المحررون كلهم على كتاب محقق علم القراءات ابن الجزري (النشر في القراءات العشر) الذي جمع فيه نحوا من ألف طريق آلف بينها وجمعها من سبعة وخمسين كتابا.
(انظر: النشر في القراءات العشر).
فقام المحررون بحصر مواقع الخلاف آية آية مراعين كتاب النشر وأصوله الكثيرة، مع رد كل خلاف إلى أصله، حتى نشأ ما عرف باسم التحريرات، كتخصص داخل علم القراءات الواسع.
[أمثلة]
: ١ - قال الشاطبي:
ودونك الإدغام الكبير وقطبه ... أبو عمرو البصريّ فيه تحفّلا
ظاهر النظم أن الإدغام لأبي عمرو من الروايتين، مع أن المقروء به الإدغام من رواية السوسي فقط، وذلك أن الإدغام مع الإبدال في الهمز المفرد كمذهب السوسي، أما عند تحقيق الهمز كمذهب الدوري فليس إلا الإظهار ويمتنع على تحقيق الهمز الإدغام.
قال السخاوي في شرحه: كان أبو القاسم الشاطبي (شيخه) يقرأ بالإدغام الكبير من طريق السوسي لأنه كذلك قرأ.