- وقد استخدم أسلوب التلقين كثيرا من القراء، خاصة عند الحاجة إليه. فإن الكسائي لما كان يكثر عليه الطلبة كان يوضع له منبر فيقرأ هو على الناس، فيلقنهم في كل يوم نصف سبع، يختم ختمتين في شعبان. وقال ابن مجاهد عنه: كان يأخذ الناس عنه ألفاظه بقراءته عليهم. وهذا هو التلقين.
- وقال الشافعي: كان إسماعيل بن قسطنطين قارئ أهل مكة، وكان الناس يجيئون بمصاحفهم فيقرأ عليهم فيصلحون بقراءته، وكان يجلس على موضع مرتفع.
- ولما قدم المحقق ابن الجزري القاهرة وازدحم الناس عليه لم يتسع وقته لإقراء الجميع، فكان يقرأ عليهم الآية ثم يعيدونها عليه دفعة واحدة. وبذا جمع ابن الجزري بين تلقينه لهم وعرضهم عليه.
- وختاما فالأكمل في تعلم وتعليم القرآن الكريم الجمع بين الطريقتين والأسلوبين: التلقين والعرض، لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم فعل بذلك فلقد لقّنه جبريل ثم عرض على جبريل ما لقنه، ولأن ذلك أنفع للطالب.
(ر- العرض).
[تنكيس القرآن]
: مصطلح يطلق على:
١ - مخالفة ترتيب سور القرآن الكريم، كأن تقرأ مثلا سورة الفلق ثم تقرأ سورة الإخلاص.
٢ - مخالفة ترتيب الآيات في السورة الواحدة.
[حكم تنكيس القرآن]
: ١ - تنكيس القرآن بالمعنى الأول مشروع لا حرج فيه، وإن شاع بين الناس أنه حرام أو مكروه غير مشروع.
والأدلة على ذلك كثيرة، منها:
- قوله تبارك وتعالى: فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ [المزمل: ٢٠].
- روى مسلم عن حذيفة أنه صلى وراء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأنه قرأ في صلاته في ركعة واحدة سورة البقرة ثم النساء ثم آل عمران، وهذا مخالفة لترتيب المصحف.
- هذا وليس من الواجب على القارئ والمصلي أن يراعي ترتيب المصحف، فيقرأ السورة والتي تليها مباشرة، ففي الصحيحين أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة في الركعة الأولى: الم (١) السجدة، وفي الثانية: هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ.
وكذا كان عليه السلام يقرأ في صلاة العيد سورة (ق) في الركعة الأولى وفي الثانية سورة القمر.