كان الكلام طلبا كان تأويله نفس الفعل المطلوب، وإن كان خبرا كان تأويله وقوع المخبر به وتحققه في الواقع.
عن عائشة: كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول في ركوعه: (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي يتأول القرآن) أي يعمل بقول الله تعالى: فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ
وَاسْتَغْفِرْهُ
[النصر: ٣].
[عند الخلف والعلماء المتأخرين]
: صرف اللفظ عن معناه الظاهر إلى معنى يحتمله بما لا يخالف نصا من كتاب الله سبحانه ولا سنّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
أو التأويل صرف اللفظ عن المعنى الراجح إلى المعنى المرجوع لدليل يقترن به.
[معاني التأويل في القرآن الكريم]
: ١ - التفسير والبيان: وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ [آل عمران: ٧].
٢ - الحقيقة التي يؤول إليها الكلام:
هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ [الأعراف: ٥٣] بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ [يونس: ٣٩].
٣ - العاقبة والمصير: ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [النساء: ٥٩].
٤ - تعبير الرؤيا: وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ [يوسف: ٦] هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ [يوسف: ١٠٠].
[نسبة التأويل إلى التفسير]
: التفسير ما كان راجعا إلى الرواية، والتأويل ما كان راجعا إلى الدراية، لأن التأويل مبناه على الترجيح المعتمد على الاجتهاد والنظر. أما التفسير الراجع إلى الرواية فليس اجتهادا ولا نظرا.
وقفة عند قول الله: وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ [آل عمران: ٧]:
اختلف علماء القراءة في الوقف:
أيقفون على لفظ الجلالة أم يقفون على كلمة الْعِلْمِ؟ ونشأ عن خلافهم هذا خلاف بين المفسرين والأصوليين، فمن اعتبر الوقوف على لفظ الجلالة حكم وجزم بأن التأويل لا يعلمه إلا الله فهو مما استأثر الله بعلمه، والراسخون ليس لهم إلا التسليم، وقول: آمَنَّا بِهِ [آل عمران: ٧].
ومن اعتبر الوقف على الْعِلْمِ قال:
بأن العلماء الراسخين يعلمون كذلك تأويل المتشابه بتعليم الله لهم، فالتأويل عند هؤلاء هو بمعنى التفسير.
وروي عن ابن عباس ومجاهد أنهما قالا: (وأنا من الذين يعلمون تأويله).
والحق أنه لا مناقضة بين المذهبين، فمن المتشابه ما لا يعلمه إلا الله كعالم الغيب وأهوال الحشر والقيامة وماهية الجنة والنار.