وَاحِدَة بعد أخر وَهِي تقدم مَا أحضرت من التحف الفاخرة والنقوط حَتَّى انْقَضتْ تقادمهن جَمِيعًا. ورسم السُّلْطَان برقصهن عَن آخِرهنَّ فرقصن حسن أَيْضا وَاحِدَة بعد وَاحِدَة والمغاني تضربن بدفوفهن وأنواع المَال من الذَّهَب وَالْفِضَّة وشقف الْحَرِير يلقى على الْمُغَنِّيَات فَحصل لَهُنَّ مَا يحل وَصفه ثمَّ زفت الْعَرُوس. وَجلسَ السُّلْطَان من بكرَة الْغَد وخلع على جَمِيع الْأُمَرَاء وأرباب الْوَظَائِف وأكابر الْأُمَرَاء ورسم لإمرأة كل أَمِير من الْأُمَرَاء بعبية قماش على قدر منزلَة زَوجهَا وخلع على الْأَمِير تنكز نَائِب الشَّام وجهز صحبته الْخلْع لأمراء الشَّام. فَكَانَ هَذَا الْعرس من الأعراس الْمَذْكُورَة ذبح فِيهِ الْغنم وَالْبَقر وَالْخَيْل والأوز والدجاج مَا يزِيد على عشْرين ألفا وَعمل فِيهِ من السكر برسم الْحَلْوَى والمشروب ثَمَانِيَة عشر ألف قِنْطَار وَبَلغت قيمَة مَا حمله الْأَمِير بكتمر الساقي مَعَ ابْنَته من الشورة ألف ألف دِينَار مصرية. وَفِي يَوْم الْأَرْبَعَاء رَابِع رَجَب: اسْتَقر الْأَمِير صَلَاح الدّين يُوسُف دوادار قبجق مهمندار عوضا عَن شهَاب الدّين أَحْمد بن آقوش العزيزي بعد وَفَاته. وَفِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ سَابِع عشره: اسْتَقر شرف الدّين مُوسَى بن التَّاج اسحاق فِي نظر الْجَيْش بعد وَفَاة الْفَخر مُحَمَّد بن فضل الله وَاسْتقر شرف الدّين عبد الْوَهَّاب النشو فِي نظر الْخَاص عوضا عَن شرف الْمَذْكُور فِي يَوْم الْخَمِيس تَاسِع عشره. وَكَانَ الْفَخر لما اشْتَدَّ بِهِ الْمَرَض بلغه عَن مُوسَى بن التَّاج إِسْحَاق أَنه سعى فِي نظر الْجَيْش فشق عَلَيْهِ ذَلِك وَركب وَقد انتهك من شدَّة الْمَرَض وَدخل على السُّلْطَان وَقَالَ: مَا أزعجت نَفسِي إِلَّا لنصحك ولأوصيك بعائلتي وأولادي وَعِنْدِي ذخيرة للسطان فَأَما نصيحتى فَهِيَ أَن أَوْلَاد التَّاج إِسْحَاق تواصوا على أكل مَال آل آص والدولة وَالْعَمَل على السُّلْطَان. وَبَالغ الْفَخر فِي الوقيعة فيهم وَعرف السُّلْطَان أَنه ادخر عشرَة أُلَّاف دِينَار وشيئاً من الْجَوَاهِر وَجَمِيع ذَلِك للسُّلْطَان فشكره السُّلْطَان وَأثر فِيهِ كَلَامه فِي أَوْلَاد التَّاج إِسْحَاق. ثمَّ قَامَ الْفَخر وَعَاد إِلَى دَاره ثمَّ طلب بعد ثَلَاثَة أَيَّام الْأَمِير عَلَاء الدّين بن هِلَال الدولة وَدفع إِلَيْهِ ورقة مختومة وأوصاه أَن يَدْفَعهَا إِلَى السُّلْطَان بعد مَوته فَأوقف ابْن هِلَال الدولة السُّلْطَان عَلَيْهَا وَتركهَا عِنْده. فَمَاتَ الْفَخر من الْغَد فَنزل ابْن هِلَال الدولة وَأَوْلَاد التَّاج إِسْحَاق وعدة من الْأُمَرَاء إِلَى بَيت الْفَخر وَأَحَاطُوا بِهِ. فوجدا فِيهِ عشرَة أُلَّاف دِينَار وَهِي الَّتِي عين الْفَخر وموضعها للسُّلْطَان ووجدوا مَعهَا جَوَاهِر.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute