والجوخ والقماش بِثَلَاثَة أَمْثَال قِيمَته وَركب إِلَى دَار القند وَاعْتبر أوزان القنود الْوَاصِلَة إِلَى الْأُمَرَاء من معاصرهم وَغَيرهَا وَكَانَت شَيْئا كثيرا. وَكَانَ السُّلْطَان قد رسم لِلْأُمَرَاءِ بمسامحتهم بمما عَلَيْهَا للديوان فألزم النشو مباشريهم بِمَا عَلَيْهِم للديوان عَنْهَا وَلم يمتثل مَا فِي المراسيم السُّلْطَانِيَّة من مسامحتهم. ثمَّ ركب النشو إِلَى السُّلْطَان وعرفه بِأَن الَّذِي للديوان على القنود الَّتِي اعتبرها فِي يَوْمه مبلغ سِتَّة أُلَّاف دِينَار وَأَنه كل قَلِيل يرد لِلْأُمَرَاءِ من القنود مثل ذَلِك وَأكْثر مِنْهُ وَأَن مَال السُّلْطَان يذهب فِي هَذَا وَأَمْثَاله فَإِن الدَّوَاوِين تسرق بِحجَّة مُسَامَحَة الْأُمَرَاء شَيْئا كثيرا. فأثر ذَلِك فِي نفس السُّلْطَان وَمكن النشو من عمل مَا يختاره وَألا يسامح أحدا بِشَيْء مِمَّا عَلَيْهِ للديوان فشق ذَلِك على الْأَمِير قوصون وَحدث السُّلْطَان فِي إِمْضَاء مَا رسم لَهُ بِهِ من المسوح عَن القند فَلم يجبهُ السُّلْطَان إِلَى ذَلِك ووعده أَنه يعوضه عَلَيْهِ بِأَكْثَرَ مِنْهُ. فانكفت الْأُمَرَاء عَن السُّؤَال وَعظم النشو بِهَذَا فِي أعين النَّاس. واستدعى النشو ابْن الْأَزْرَق نَاظر الْجِهَات وَكَانَ ظلوماً غشوماً فَكتب لَهُ أَسمَاء أَرْبَاب الْأَمْوَال من التُّجَّار وَطرح عَلَيْهِم قماشاً استدعي بِهِ من الْإسْكَنْدَريَّة بِثَلَاثَة أَمْثَال قِيمَته وأخرق بِمن عَارضه مِنْهُم وَحمل النشو للسُّلْطَان من هَذَا وَشبهه أَمْوَالًا عَظِيمَة. وَفِيه قدم الصاحب شمس الدّين عبد الله غبريال بن أبي سعيد بن أبي السرُور من دمشق فألزم بِحمْل أَرْبَعِينَ ألف دِينَار وَضعهَا كريم الدّين عِنْده ليتجر لَهُ بهَا وَحمل مَا أَخذه فِي مُبَاشَرَته من مَال السُّلْطَان وَكَانَ ذَلِك بإغراء النشو. فَقَامَ فِي أمره الْأَمِير بتشاك والأمير قوصون حَتَّى يُقرر عَلَيْهِ مَا يحملهُ من غير أهنة فَحمل ألف ألف دِرْهَم. وعمت مضرَّة النشو النَّاس جَمِيعًا وانتمى إِلَيْهِ عدَّة من الأشرار ونموا على الكافة من أهل القبلي وَالْوَجْه البحري ودلوه على من عِنْده شَيْء من الْجَوَارِي المولدات لشغف السُّلْطَان بِهن فَحملت إِلَيْهِ عدَّة مِنْهُنَّ بطلبهن من أربابهن وَسعوا عِنْده بأرباب الْأَمْوَال أَيْضا فدهى النَّاس مِنْهُ بلَاء عَظِيم. وفى سلخ شَوَّال: أخرج صَلَاح الدّين الدوادار على الْبَرِيد منفياً إِلَى صفد وخلع على سيف الدّين بغا الدوادار الصَّغِير عوضه وَسبب ذَلِك أَنه كَانَ مترفعاً يُعَامل رفقاءه بشمم وتكبر. وَكَانَ شهَاب الدّين أَحْمد بن محيي الدّين يحيي بن فضل الله كَاتب
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute