السِّرّ يُبَاشر عَن أَبِيه وَعَن جده فِي مزاحة وَقُوَّة نفس فسلك صَلَاح الدّين مَعَه مسلكه مَعَ ابْن الشهَاب مَحْمُود فَلم يحْتَمل شهَاب الدّين ذَلِك مِنْهُ وَصَارَ بَينهمَا شنان إِلَى أَن اتّفق فِي بعض الْأَيَّام ذكر السُّلْطَان الْفَخر نَاظر الْجَيْش فترحم عَلَيْهِ فَقَالَ صَلَاح الدّين: يَا خوند لَا تترجم على ذَلِك فَإِنَّهُ مَا كَانَ مُسلما. فَغَضب السُّلْطَان من معارضته لَهُ وَقَالَ: وَالله يَا صَلَاح الدّين هُوَ أَيْضا كَانَ يَقُول عَنْك أَنَّك لست بِمُسلم وَتبين فِي وَجه السُّلْطَان الْغَضَب وانفض الْمجْلس. فَذكر بعد ذَلِك صَلَاح الدّين عِنْد السُّلْطَان فَقَالَ عَنهُ: ذَاك مَا يتحدث عَن أحد بِخَير فانتهز ابْن فضل الله الفرصة فِي صَلَاح الدّين ومازال بِهِ حَتَّى أبعده السُّلْطَان وعزله فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء حادي عشر رَمَضَان وَأقَام سيف الدّين بغا دوادارا عوضه ثمَّ أخرج صَلَاح الدّين أَمِيرا بصفد فِي سلخ شَوَّال. وَفِي هَذِه السّنة: أَخذ الْأَمِير قوصون دَار الْأَمِير بيسري بِالْقَاهِرَةِ وَكَانَت وَقفا فَعمل محْضر بِشُهُود الْقيمَة أَن قيمتهَا مبلغ مائَة وَتِسْعين ألف دِرْهَم وَتَكون الْغِبْطَة للأيتام عشرَة أُلَّاف دِرْهَم فكملت مِائَتَان ألف فَحكم القَاضِي شرف الدّين الْحَرَّانِي الْحَنْبَلِيّ بِبَيْعِهَا وَشِرَاء عقار بِثمنِهَا. وَهَذَا بعد أَن كَانَ كتاب وقف بيسري لَهَا فِيهِ من الشُّهُود عدَّة اثْنَيْنِ وَسبعين عدلا مِنْهُم تَقِيّ الدّين ابْن دَقِيق الْعِيد وتقي الدّين بن رزين وتقي الدّين ابْن بنت الْأَعَز وَذَلِكَ قبل بلوغهم دَرَجَة الْقَضَاء فَكَانَ هَذَا مِمَّا شنع ذكره فَإِنَّهَا دَار يجل وصفهَا ويتعذر وجود مثلهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute