بعزل قُضَاة الْوَجْه القبلي والبحري بأسرهم وعزل فَخر الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مِسْكين من نِيَابَة الحكم بِمصْر وَولي عرضه بهاء الدّين عبد الله بن عقيل وَعين لقَضَاء الْأَعْمَال جمَاعَة مِمَّن وَقع اخْتِيَاره عَلَيْهِم فَلم يَجْسُر أحد على معارضته وَلَا مُخَالفَته واستخلف عَنهُ فِي الْقَضَاء تَاج الدّين مُحَمَّد بن إِسْحَاق الْمَنَاوِيّ وضياء الدّين مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْمَنَاوِيّ وعزل الضياء الْمُحْتَسب من نظر الْأَوْقَاف حَتَّى لم يدع أحدا بِالْقَاهِرَةِ ومصر وأعمالها مِمَّن ولاه الْقزْوِينِي. فانكف عَن النَّاس بدلك شَرّ كَبِير وَفَسَاد كثير. وَسَار رفقاؤه الْحَنَفِيّ والحنبلي مثل سيرته فِي النزاهة والصيانة. وعقيب ذَلِك قدم الْبَرِيد من الشَّام بِأَلفَيْنِ وَخَمْسمِائة دِينَار من وقف الأشرفية. فَأَخذهَا النشو وَعرف السُّلْطَان بهَا وَأَنه تعوض عَنْهَا لجِهَة الْوَقْف فِيمَا بعد فَأَخذهَا السُّلْطَان مِنْهُ. وفيهَا جمع النشو الطحانين وعرفاء الجمالة وَطرح عَلَيْهِم مَا زرع بِنَاحِيَة قليوب من الفول الْأَخْضَر والبرسيم بِحِسَاب ثَلَاثمِائَة دِرْهَم الفدان الفول والبرسيم بِمِائَتي دِرْهَم وَضرب جمَاعه مِنْهُم بالمقارع لأجل شكواهم إِيَّاه للسُّلْطَان. وَطرح النشو مبلغ مِائَتي ألف دِرْهَم فُلُوسًا نحساً ضرب إسكندرية وتروجة وفوة وبلاد الصَّعِيد على التُّجَّار وأرباب الْمُعَامَلَات فوقفت الْأَحْوَال. وَذَلِكَ أَن الْفُلُوس كَانَت تُؤْخَذ بِالْعدَدِ وَقد كثر فِيهَا الزغل من الرصاص وَنَحْوه وَصَارَ الْفلس الْكَبِير يقص ثَلَاث قطع وَيخرج بِثَلَاثَة فلوس فَصَارَت الباعة تردها وتحسن سعر الْغلَّة دَرَاهِم الأردب. فَقَامَ وَالِي الْقَاهِرَة فِي ذَلِك وَضرب جمَاعَة وَنُودِيَ أَن يرد الْفلس المقصوص والرصاص وَلَا يتعامل بِهِ فمشت الْأَحْوَال. وَفِيه قدم الْبَرِيد من الْأَمِير تنكز نَائِب الشَّام. وَمَعَهُ مبلغ عشْرين ألف دِينَار الَّذِي أَخذ من علم الدّين بن القطب كَاتب السِّرّ بِدِمَشْق فَخلع السُّلْطَان على جمال الدّين عبد الله بن الْكَمَال مُحَمَّد بن الْعِمَاد إِسْمَاعِيل بن الْأَثِير وَاسْتقر فِي كِتَابَة السِّرّ بِدِمَشْق عوضا عَن ابْن القطب. وفيهَا اتّفق بِدِمَشْق أَن قاضيها شهَاب الدّين مُحَمَّد بن الْمجد عبد الله بن الْحُسَيْن بن عَليّ الأربلي كَانَ غير مرضِي الطَّرِيقَة فَلَمَّا عزل وَاسْتقر الْقزْوِينِي عوضه ركب ابْن الْمجد قبل أَن يبلغهُ الْعَزْل يُرِيد مَكَانا فنقرت بغلته من كلب خرج عَلَيْهَا فِي الطَّرِيق وألقته عَن ظهرهَا فاندق عُنُقه وسر النَّاس بذلك.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute