وَفِيه قرر الْأَمِير علم الدّين سنجر الجاولي شهَاب الدّين أَحْمد العسجدي فِي تدريس الحَدِيث بالقبه المنصورية بَين القصرين بعد وَفَاة زين الدّين عمر بن الكتاني. فتعصب عَلَيْهِ الْقُضَاة وَجَمَاعَة من شُيُوخ الْعلم وطعنوا فِي أَهْلِيَّته وَرفعُوا قصَّة للسُّلْطَان بالقدح فِيهِ. فَلَمَّا قُرِئت على السُّلْطَان بدار الْعدْل سَأَلَ السُّلْطَان من الْقُضَاة عَنهُ فثلبه قَاضِي الْقُضَاة عز الدّين عبد الْعَزِيز بن جمَاعَة فَقَامَ الجاولي بمعارضة القاصي وَأثْنى عَلَيْهِ فرسم السُّلْطَان أَن يعْقد لَهُ مجْلِس ويطالع بأَمْره. فَاجْتمع الْقُضَاة وَكثير من الْفُقَهَاء بالمدرسه المنصورية وجبه بَعضهم الجاولي بالغض من العسجدي ورماه ركن الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن القوبع بِأَنَّهُ لحن فِي قِرَاءَة الْفَاتِحَة ثَلَاث مَرَّات فَقَامَ قَاضِي الْقُضَاة حسام الدّين الغوري فِي نصْرَة العسجدي وَأثْنى عَلَيْهِ وَقَالَ: أَنا أحكم بأهليته لهَذِهِ الوظيفه فدار بَينه وَبَين ابْن جمَاعَة مقاولة فِيهَا فحش وانفضوا على ذَلِك. فَأعْلم الغوري طاجار الدوادار بِأَن الْقَوْم تعصبوا على العسجدي وَأَنه يحكم بأهليته فَبلغ ا! سُلْطَان ذَلِك. فَلَمَّا حضرا سَأَلَ السُّلْطَان عَمَّا جرى فِي الْمجْلس من ابْن جمَاعَة والجاولي فتفاوضا وعارض كل مِنْهُمَا الآخر فَمَال السُّلْطَان إِلَى قَول ابْن جمَاعَة وَمنع العسجدي من التدريس. فشق ذَلِك على الجاولي وهم بعزل نَفسه من نظر المارستان فحذره الْأُمَرَاء عَاقِبَة ذَلِك. وفيهَا عمل جسر بالنيل على حكر ابْن الْأَثِير وَسَببه أَن الْميل قوي على نَاحيَة بولاق خَارج الْقَاهِرَة وَهدم جَامع الخطيري حَتَّى احْتِيجَ إِلَى تجديده وَحَتَّى احْتِيجَ إِلَى أَن رسم السُّلْطَان للسكان على شاطئ النّيل بِعَمَل الزرابي لجَمِيع تِلْكَ الدّور وَألا يُؤْخَذ عَلَيْهَا حكر. فَبنى صَاحب كل دَار زربية تجاه دَاره فَلم يفد ذَلِك شَيْئا. فَكتب بإحضار مهندسي الْبِلَاد الْقبلية وبلاد الْوَجْه البحري فَلَمَّا تكاملوا ركب السُّلْطَان النّيل وهم مَعَه وكشف الْبَحْر. فاتفق الرَّأْي على أَن يحْفر الرمل الَّذِي بالجزيرة حَتَّى يصير خليجاً يجْرِي فِيهِ المَاء وَيعْمل جسر فِي وسط النّيل يكون سداً يتَّصل بالجزيرة فَإِذا كَانَت زِيَادَة النّيل جرى المَاء فِي الخليج الَّذِي حفر وَكَانَ قدامه سد عَال يرد المَاء إِلَيْهِ حَتَّى يتراجع النّيل عَن سد الْقَاهِرَة إِلَى بر نَاحيَة منبابة وَعَاد السُّلْطَان إِلَى القلعة. وَخرجت الْبرد من الْغَد إِلَى الْأَعْمَال بإحضار الرِّجَال للْعَمَل صُحْبَة المشدين وَطلبت
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute