خطوطهم ليقابل بهَا كِتَابَة الورقة. فَلَمَّا أعيا آقبغا الظفر بالغريم وَهُوَ يُرَاجع السُّلْطَان فِي أَمرهم اتهمَ النشو أَنَّهَا من مكايده. وَاشْتَدَّ قلق السُّلْطَان وَكثر انزعاجه بِحَيْثُ لم يسْتَطع أَن يقر بمَكَان وَاحِد. ثمَّ طلب السُّلْطَان وَالِي الْقَاهِرَة لالا وَأمره أَن يهدم مَا بِالْقَاهِرَةِ من حوانيت صناع النشاب وينادي: من عمل نشاباً شنق فامتثل ذَلِك. وَخرجت أَيْضا جَمِيع مرامي النشاب وغلقت حوانيت القواسين. وَنزل الْأَمِير برسبغا الْحَاجِب إِلَى الْأُمَرَاء جَمِيعهم وعرفهم عَن السُّلْطَان أَن من رمي بالنشاب من مماليكهم أَو حمل قوساً كَانَ أستاذه عوضا عَنهُ فِي التلاف وَألا يركب اُحْدُ من الْأُمَرَاء بسلاح وَلَا تركاش نشاب. وَبينا النَّاس فِي هَذَا الهول الشَّديد إِذْ دخل شخص يعرف بِابْن الْأَزْرَق كَانَ أَبوهُ مِمَّن مَاتَ فِي عُقُوبَة النشو لَهُ عِنْد مصادرته لجمال الكفاة - وَطلب الورقة ليعرفهم من كتبهَا. فَقَامَ وَالِي الْقَاهِرَة إِلَى السُّلْطَان وَمَعَهُ الرجل فَلَمَّا وقف عَلَيْهَا قَالَ: يَا خوند هَذِه خطّ مُحَمَّد الْخطاب وَهُوَ رجل عِنْد ولي الدولة صهر النشو يلْعَب مَعَه النَّرْد ويعاقره الْخمر فَطلب الْمَذْكُور وحاققه الرجل محاققة طَوِيلَة فَلم يعْتَرف فَعُوقِبَ عقوبات مؤلمة إِلَى أَن أقرّ بِأَن ولي الدولة أمره بكتابتها فَجمع بَينه وَبَين ولي الدولة فَأنْكر ذَلِك. وَطلب ولي الدولة أَن يرى الورقة فَلَمَّا رأها حلف جهد أيمانه أَنَّهَا خطّ ابْن الْأَزْرَق لينال عرضه من أجل أَن النشو قتل أَبَاهُ وحاققه على ذَلِك. فَاقْتضى الْحَال عُقُوبَة ابْن الْأَزْرَق فاعترف أَنَّهَا كِتَابَته وَأَنه أَرَادَ أَن يَأْخُذ بثأر أَبِيه من النشو وَأَهله. فَعَفَا السُّلْطَان عَن ابْن الْأَزْرَق وَأمر بِحَبْس الْخطابِيّ. ورسم السُّلْطَان لبرسبغا الْحَاجِب وَابْن صابر الْمُقدم أَن يعاقبا النشو وَأَهله حَتَّى يموتوا وَأذن للأجناد فِي حمل النشاب فِي السّفر لَا غَيره. وَيُقَال إِن سَبَب عُقُوبَة النشو أَن أُمَرَاء المشورة تحدثُوا مَعَ السُّلْطَان فِي يَوْم الْخَمِيس رَابِع عشريه فِي أَمر النشو فابتدأ الْأَمِير علم الدّين سنجر الجاولي وَقبل الأَرْض وَقَالَ: حاشا مَوْلَانَا السُّلْطَان من شغل الخاطر وضيق الصَّدْر فَقَالَ السُّلْطَان: يَا أُمَرَاء هَؤُلَاءِ مماليكي أنشأتهم وأعطيتهم الْعَطاء الجزيل وَقد بَلغنِي عَنْهُم مَا لَا يَلِيق.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute