الْأَسْوَاق. فَأخْرج السُّلْطَان من الخزانة ألف دِرْهَم فضَّة فرقت مُدَّة شهر فِي الصيارف وَأخذ عَنْهَا ذهب فمشت الْأَحْوَال قَلِيلا ثمَّ توقفت. وفيهَا قدمت طَائِفَة من الْعَجم لَهُم زِيّ غَرِيب على رُءُوسهم أقباع طوال جدا من فَوْقهَا عمائم مضلعة كَهَيئَةِ الطرطور وَلَهُم شيخ يعرف بالشيخ زَاده. فاحتفل بهم الْأَمِير قوصون وأنزلهم بخانكاته وَعمل لَهُم فِيهَا عدَّة أَوْقَات ثمَّ تحدث قوصون مَعَ السُّلْطَان فِي أَمرهم فولي زَاده مشيخة الخانكاه الركنية بيبرس فباشرها وَعمل بهَا فِي كل لَيْلَة جُمُعَة سَمَاعا قَامَ بِهِ الْأَمِير قوصون. وَفِي رَابِع عشرى شَوَّال: رَحل ركب الْحَاج من بركَة الْحَاج صُحْبَة الْأَمِير بكا الخضري. وَكَانَت الْعَادة أَن يرحل الركب فِي سادس عشره فقصد السُّلْطَان أَلا تطول إِقَامَة الْحَاج بِمَكَّة رفقا بالها فَأخر الرحيل فِي رَابِع عشريه ليوافي الْحجَّاج بِمَكَّة أول ذِي الْحجَّة وَاسْتمرّ ذَلِك فِيمَا بعد. وَسَار أَيْضا الْأَمِير أقبغا عبد الْوَاحِد إِلَى الْحَج بأَهْله. وفيهَا تسلم الْأَمِير زين الدّين قراجا بن دلغادر قلعة طرندة وَأقَام بهَا الدعْوَة للسُّلْطَان. وَذَلِكَ أَن مرجان الْخَادِم نَائِب طرندة من قبل أرتنا توجه مِنْهَا إِلَى مخدومه فِي مُهِمّ لَهُ فَنزل عَلَيْهَا من أُمَرَاء التركمان أَمِير عَليّ بن الكركري وَإِبْرَاهِيم كندلكي وَقَرَأَ خَلِيل بن البكي وَابْن قرا فِي زهاء أَرْبَعِينَ رجلا وَقد باطنهم رجل من أهل القلعة وجذب الْأَرْبَعين بجبال إِلَيْهَا فَقتلُوا من بهَا من جمَاعَة أرتنا واستولوا عَلَيْهَا وأسلموها لِابْنِ دلغادر. فَكتب إِلَى السُّلْطَان بذلك فأنعم بهَا على الْأَمِير تنكز نَائِب الشَّام فَبعث إِلَيْهَا تنكز وعمرها وَلم تزل قلعة طرندة بأيدي سلاطين مصر إِلَى أَن مَاتَ الظَّاهِر برقوق.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute