وفيهَا هبت سموم ورياح عَاصِفَة بجبل طرابلس وَسقط نجم اتَّصل نوره بِالْأَرْضِ مَعَ رعد قوي إِلَى الْغَايَة وعلقت مِنْهُ نَار فِي أَرَاضِي الجون أحرقت عدَّة أَشجَار ومنازل فَكَانَ ذَلِك آيَة. وَنزلت من السَّمَاء نَار بقرية الفيجة من عمل دمشق على قبَّة خشب أحرقتها وأحرقت ثَلَاثَة بيُوت بجانبها. وَفِي لَيْلَة الثُّلَاثَاء سادس عشريه: وَقع بِدِمَشْق فِي أول اللَّيْل حريق بالدهشة شَرْقي الْجَامِع الْأمَوِي فَعظم الْأَمر حَتَّى وصل إِلَى الْجَامِع وَتعلق بالمنارة الشرقية وَسقط على الجملون الرصاص. فبادر النَّاس جَمِيعًا إِلَيْهِ وأطفأوه بِحَضْرَة الْأَمِير تنكز فِي مُدَّة يَوْمَيْنِ بلياليها. ثمَّ وَقع أَيْضا فِي لَيْلَة السبت أول ذِي الْقعدَة: حريق أخر بقيسارية القواسين والكفتيين وسوق الْخَيل من دمشق وَكَانَ أمرا مهولاً مُدَّة يَوْمَيْنِ بلياليها. فَعدم فِيهَا نَحْو خَمْسَة وَثَلَاثِينَ ألف قَوس وعدمت أَمْوَالًا عَظِيمَة مِنْهَا للتجار خَاصَّة مَا مبلغة ألف وسِتمِائَة ألف دِينَار وَخَربَتْ أَمَاكِن كَثِيرَة. فَبينا النَّاس فِي ذَلِك إِذْ وجدت ورقة فِيهَا: الْمَمْلُوك الناصح تَتَضَمَّن أَن أَمر الْحَرِيق يظْهر إِذا أمسك يَعْقُوب غُلَام المكين كَاتب الْجَيْش فَقبض على الْمَذْكُور وعوقب فاعترف على أستاذه عدَّة من كتاب النَّصَارَى وأحضروا بَين يَدي الْأَمِير تنكز فأقروا جَمِيعًا بذلك. فأوقع تنكز الحوطة على موجودهم وَكتب عَلَيْهِم محضراً ملخصه: أَن الرشيد سَلامَة بن سُلَيْمَان بن مرجا النَّصْرَانِي كَاتب الْأَمِير علم الدّين سنجر البشمقدار أشهد عَلَيْهِ أَنه حضر إِلَيْهِ منتصف شَوَّال المكين يُوسُف بن مجلي كَاتب الْأَمِير بهادر آص والمكين يُوسُف عَامل الْجَيْش وصحبتهما راهبان أَحدهمَا اسْمه ميلاني وَالْآخر اسْمه عازر وفدما من الْقُسْطَنْطِينِيَّة ليجاهدا فِي الْملَّة الإسلامية ومعابدها وَقد باعا نفسيهما على ذَلِك وأنهما يعلمَانِ صناعَة النفط. فَاجْتمعُوا فِي بُسْتَان المكين يُوسُف وأحضر لَهُم مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ من النفط وَعمِلُوا كعكات وتنكروا فِي لباسهم ونزلوا إِلَى الدهشة وَتَفَرَّقُوا فِي جوانبها وابتاعوا مِنْهَا قماشاً ودفعوا ثمنه لصَاحبه وَجعلُوا القماش عِنْده وَدِيعَة وَقد دسوا فِيهِ تِلْكَ الكعكات المصنوعة فَوَقع مِنْهَا ذَلِك الْحَرِيق ثمَّ دفعُوا إِلَى الجرائحي النَّصْرَانِي الَّذِي على بَاب قيسارية القواسين خَمْسمِائَة دِرْهَم وكعكة من تِلْكَ الكعكات فَرمي بهَا فِي دكان
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute