فيأووا عِنْده وَعرف يُونُس بمقاصده. ثمَّ إِن السُّلْطَان تلطف مَعَ صَاحب مصياف وبذل لَهُ مَالا كثيرا حَتَّى ندب لَهُ من الفداوية طَائِفَة. فبعثهم السُّلْطَان إِلَى يُونُس فأواهم وأعلمهم بالغرض فانتظروا وقتا يصلح للوثوب مُدَّة أَيَّام إِلَى أَن ركب النوين الْكَبِير جوبان يُرِيد مَدِينَة توريز وَركب آقوش الأفرم وقراسنقر إِلَى جانبيه. فَخرج اثْنَان من الفداوية أَحدهمَا للأفرم وَالْآخر لقراسنقر فبدر أَحدهمَا وَضرب آقوش الأفرم فاتقى الضَّرْبَة بِيَدِهِ وَكَانَ عَلَيْهِ قرضية فانشق كمه وجرحت يَده وَجبن الآخر عَن قراسنقر لقتل الفدواي. وَوَقع الحذر وكبست الفنادق والخانات بتوريز وَقبض على يُونُس فَقَامَ الْوَزير نَاصِر الدّين خَليفَة بن خواجا عَليّ شاه مَعَه حَتَّى تخلص من الْقَتْل. وَلم يصب قراسنقر بِسوء وعولج الأفرم حَتَّى برِئ من جراحته واحترسا على أَنفسهمَا وَمن غرائب الِاتِّفَاق فِيمَا سبق أَنه كَانَ لقراسنقر فرَاش من العليقة وَله معرفَة بِأَهْل مصياف فتتبع نواحي توريز حَتَّى ظفر بفداوي رسله السُّلْطَان النَّاصِر محصد لقتل قراسنقر فَإِذا هُوَ أَخُوهُ فاستماله وقربه من قراسنقر. فَأعْطَاهُ قراسنقر مائَة دِينَار ورتب لَهُ فِي كل شهر ثَلَاثمِائَة دِرْهَم وخدم عِنْده فراشا رَفِيقًا لِأَخِيهِ وَزَاد فِي الإنعام عَلَيْهِ حَتَّى بلغت عطيته لَهُ خَمْسمِائَة دِينَار. فَأعْلم هَذ الفداوي قراسنق بِمَا ندب إِلَيْهِ من قَتله وَضمن لَهُ أَنه يعرفهُ بِجَمِيعِ من يرد من الفداوية. فسر قراسنقر بذلك وَأعلم جوبان والوزير نَاصِر الدّين خَليفَة فكبسوا على جمَاعَة مِمَّن دلهم عَلَيْهِم فظفروا بِوَاحِد وفر بَعضهم وَقتل بَعضهم نَفسه وَجِيء بالفداوي الْمَقْبُوض عَلَيْهِ فَعُوقِبَ حَتَّى مَاتَ وَلم يعْتَرف بِشَيْء. وَاشْتَدَّ الْأَمر بتوريز وَغَيرهَا على الغرباء وقصاد السُّلْطَان تطالعه بذلك فِي كل وَقت إِلَى أَن كتبُوا إِلَيْهِ نَائِب بَغْدَاد بلغه عَن تَاجر أَنه اشْترى مملوكين للسُّلْطَان بِمِائَة وَعشْرين ألف دِرْهَم فأحضر نَائِب بَغْدَاد التَّاجِر وألزمه بإحضارهما فَافْتدى بأربعمائة دِينَار حَتَّى تَركه وَأخرجه من بَغْدَاد. فَبعث التَّاجِر بطَائفَة من الفداوية لقَتله وَقتل قراسنقر فَتَفَرَّقُوا بالأردو وتوريز وبغداد وَأَقَامُوا فِي الِانْتِظَار لانتهاز الفرصة. فَبينا نَائِب بَغْدَاد يَوْمًا وَقد مر فِي الشَّارِع إِذا وثب عَلَيْهِ أحد الفداوية وَصَاح. ياللملك النَّاصِر وضربه بالخنجر فِي صَدره وَمر يعدو فَلم يقدر عَلَيْهِ. وَعَاد الفداوي إِلَى مصياف وَكتب إِلَى السُّلْطَان النَّاصِر مُحَمَّد بِمَا جرى وَقتل نَائِب بَغْدَاد. فَلَمَّا بلغ ذَلِك قراسنقر وجوبان اشْتَدَّ حذرهما وألزم قراسنقر فرَاشه وأخاه الفداوي حَتَّى دلاه على
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute