تدق فِي القلعة وَالرِّجَال يصيحون: يَا منافقين! الْعَسْكَر وصل. فَالْتَفت بيبغا روس بِمن مَعَه فَإِذا البيارق والصناجق نَحْو جبل جوشن فَانْهَزَمُوا بأجمعهم نَحْو الْبر. وَلم يكن مَا رَأَوْهُ على حَبل جوشن عَسْكَر السُّلْطَان وَلكنه جمَاعَة من جند حلب وطرابلس وحماة كَانُوا مختفين من عَسْكَر بيبغا روس عِنْد خروحه من دمشق فَسَارُوا فِي أعقابه رَجَاء أَن يدركهم عَسْكَر السُّلْطَان. فَلَمَّا حضر بيبغا روس إِلَى حلب أَجمعُوا على كبسه وراسلوا أهل جبل بانقوسا بموافاتهم وجمعوا عَلَيْهِم كثيرا من العربان. وركبوا أول اللَّيْل وترتبوا بأعلا جبل حوشن ونشروا الصناجق. فعندما أشرقت الشَّمْس سَارُوا وهم يصرخون صَوتا وَاحِدًا فَلم يثبت بيبغا روس وَلَا أَصْحَابه وولوا ظنا مِنْهُم أَنه عَسْكَر السُّلْطَان. فَإِذا أهل بانقوسا قد أَمْسكُوا عَلَيْهِم طرق الْمضيق وأدركهم الْعَسْكَر فتبددوا وتمزقوا وَقد انْعَقَد عَلَيْهِم الْغُبَار حَتَّى لم يكن أحد ينظر رَفِيقه. فَأَخذهُم الْعَرَب وَأهل حلب قبضا بِالْيَدِ ونهبوا الخزائن والأثقال وسلبوهم مَا عَلَيْهِم من آلَة الْحَرْب. وَنَجَا بيبغا روس بِنَفسِهِ وامتلأت الْأَيْدِي بِنَهْب مَا كَانَ مَعَه وَهُوَ شَيْء يجل عَن الْوَصْف لكثرته وَعظم قدره. وتتبع أهل حلب أمراءه ومماليكه وأخرجوهم من عدَّة مَوَاضِع فظفروا بِكَثِير مِنْهُم فيهم أَخُوهُ الْأَمِير فَاضل والأمير ألطنبغا العلائي مشد الشرابخاناه وألطنبغا برناق نَائِب صفد وملكتمر السعيدي وشادي أَخُو أَمِير أَحْمد نَائِب حماة وطيبغا حلاوة الأوجاقي وَابْن أيدغدي الزراق أحد أُمَرَاء حلب ومهدي شاد الدَّوَاوِين بحلب وأسنباى قريب بن دلغادر وبهادر الجاموس وقلج أرسلان أستادار بيبغا روس وَمِائَة من مماليك الْأُمَرَاء فقيد الْجَمِيع وسجنوا. وَتوجه مَعَ بيبغا روس أَمِير أَحْمد نَائِب حماة وبكلمش نَائِب طرابلس وطشتمر القاسمي نَائِب الرحبة وآقبغا البالسي وصصمق وطيدمر وَجَمَاعَة تبلغ عدتهمْ نَحْو مائَة وَسِتَّة عشر فَدخل الْأُمَرَاء حلب وبعثوا بالمماليك إِلَى دمشق وَتركُوا الْأُمَرَاء المقيدين بسجن القلعة. وَركب الحسام العلائي إِلَى طرابلس فأوقع الحوطة على مَوْجُود نائبها بكلمش وَتمّ إِيقَاع الحوطة بحماة على مَوْجُود أَمِير أَحْمد. وَكتب الْأُمَرَاء إِلَى قراجا بن دلغادر بِالْعَفو عَنهُ وَالْقَبْض على بيبغا روس وَمن مَعَه وَكَانَ بيبغا روس قد قدم عَلَيْهِ فَركب وتلقاه وَقَامَ لَهُ. بِمَا يَلِيق بِهِ. فَلَمَّا وقف قراجا بن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute