للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يسمع شيخو الْكَلَام. الْكثير بِسَبَبِهِ فَيَقُول لَهُ: قد كثرت القالة فِيك بِسَبَب ابْن زنبور وَأَنه يحمل إِلَيْك كل مَا يتَحَصَّل من الْخَاص وَأَنه قد كثر مَاله. فَلَو مكنتني أخدت للسُّلْطَان مَالا ينقصهُ. فيدافع شيخو عَنهُ وَيعْتَذر لَهُ بِأَنَّهُ إِذا قبض عَلَيْهِ لَا يجد من يسد مسده وَإِن كَانَ ولابد فيقرر عَلَيْهِ النشو مَال يحملهُ وَهُوَ على وظائفه. وبينما هُوَ فِي ذَلِك إِذْ قدم خبر مخامرة بيبغا روس فاشتغل عَنهُ صرغتمش وَخرج إِلَى الشَّام وَفِي نَفسه مِنْهُ مَا فِيهَا. وَصَارَ صرغتمش يتجهم لِابْنِ زنبور ويسمعه مَا يكره إِلَى أَن أرجف. بمسكه وَهُوَ يسترضيه وَيحمل لَهُ أَنْوَاع المَال فَلَا يرضى حَتَّى أعيى ابْن زنبور أمره. وَحدث ابْن زنبور شيخو بِدِمَشْق. بِمَا هُوَ فِيهِ مَعَ صرغتمش فطب شيخو خاطره بِأَنَّهُ مادام حَيا لَا يتَمَكَّن مِنْهُ أحد فركن لقَوْله. وَأخذ صرغتمش يغري الْأَمِير طاز بِابْن زنبور حَتَّى وَافقه على مسكه فقوى بِهِ على شيخو ووكل يثقله لما توجه من دمشق من يَحْرُسهُ وَهُوَ لَا يشْعر فَلَمَّا وصل السُّلْطَان خَارج الْقَاهِرَة أشيع أَنه يعبر من بَاب النَّصْر ويشق الْقَاهِرَة فَاجْتمع لرُؤْيَته عَالم عَظِيم وأشعلوا لَهُ الشموع والقناديل. فَدخل ابْن زنبور على بغلة رائعة بزناري أطلس فِي موكب جليل إِلَى الْغَايَة وَبَين يَدَيْهِ جَمِيع المتعممين من الْقُضَاة وَالْكتاب وَقد أعجب بِنَفسِهِ إعجاباً كثيرا وَالنَّاس تُشِير إِلَيْهِ بالأصابع. فَكَانَت تِلْكَ نهايته وَقبض عَلَيْهِ كَمَا تقدم. وانتدب جمَاعَة بعد مسك ابْن زنبور للسعي فِي هَلَاكه وأشاعوا أَنه وجد فِي بَيته عدَّة صلبان وَأَنه لما دخل إِلَى الْقُدس فِي سفرته هَذِه بَدَأَ بكنيسة الْقِيَامَة فَقبل عتبتها وَتعبد فِيهَا ثمَّ خرج إِلَى الْمَسْجِد الْأَقْصَى فأراق المَاء فِي بَابه وَلم يصل فِيهِ وَكَانَت صدقته على النَّصَارَى بكنيسة الْقِيَامَة وَلم يتَصَدَّق على أحد من فُقَرَاء الْمُسلمين بالقدس. فأثبتوا فِي ذهن صرغتمش أَنه بَاقٍ على النَّصْرَانِيَّة ورتبوا فَتَاوَى تَتَضَمَّن أَنه ارْتَدَّ عَن الْإِسْلَام. وَكَانَ أحل من قَامَ عَلَيْهِ الشريف شرف الدّين نقيب الْأَشْرَاف والشريف أَبُو الْعَبَّاس الصفراوي وَبدر الدّين نَاظر الْخَاص والصواف تَاجر صرغتمش. فَأول مَا بدأوا بِهِ من نكايته أَن حسنوا لصرغتمش حَتَّى بعث إِلَيْهِ الصَّدْر عمر وشهود الخزانة فَشَهِدُوا عَلَيْهِ فِي مَكْتُوب أَن جَمِيع مَا بِيَدِهِ من الدّور والبساتين والأراضي مَا وَقفه مِنْهَا وَمَا هُوَ طلق - جَمِيعه اشْتَرَاهُ من مَال السُّلْطَان دون مَاله وَأَنه ملك للسُّلْطَان لَيْسَ فِيهِ شَيْء قل أَو جلّ. ثمَّ حسنوا لَهُ ضرّ بِهِ فَأمر بِهِ فَأخْرج بكرَة يَوْم وَفِي عُنُقه باشة وجنزير وَضرب عُريَانا قُدَّام بَاب قاعة الصاحب من القلعة. ثمَّ أُعِيد إِلَى مَوْضِعه وعصر وَسَقَى

<<  <  ج: ص:  >  >>