إِلَّا لكَي أَمُوت شَهِيدا فَضَربهُ الْمَنَاوِيّ بالمقارع ضربا مبرحاً مُدَّة أُسْبُوع وَهُوَ يَقُول: عجل على الْقَتْل حَتَّى ألحق بِالشُّهَدَاءِ فَيَقُول لَهُ: مَا أعجل عَلَيْك غير الْعقُوبَة ثمَّ ضربت عُنُقه وأحرقت جثته. وَفِيه قدم الْبَرِيد من حلب بِأَن ابْن دلغادر لما انهزم تبعه الْعَسْكَر وأسروا ولديه وَنَحْو الْأَرْبَعين من أَصْحَابه وَنَجَا بِخَاصَّة نَفسه إِلَى ابْن أرتنا وَقد سبق الْكتاب إِلَيْهِ بإعمال الْحِيلَة فِي قَبضه. فَأكْرمه ابْن أرتنا وأواه ثمَّ قبض عَلَيْهِ وَحمله إِلَى حلب فَدَخلَهَا وسجن بقلعتها فِي ثَانِي عشرى شعْبَان. فَكتب إِلَى الْأَمِير أرغون الكاملي نَائِب حلب بِحمْلِهِ إِلَى مصر وأنعم عَلَيْهِ بِخَمْسِمِائَة ألف دِرْهَم مِنْهَا ثَلَاثمِائَة ألف من مَال دمشق وَبَاقِيه من مَال حلب. وأعفي الْأَمِير أرغون من تسيير الْقود الَّذِي جرت عَادَة نواب حلب بِحمْلِهِ إِلَى السُّلْطَان من الْخَيل وَالْجمال البخاتي والهجن والعراب وَمن البغال والقماش والجواري والمماليك وَقِيمَته خَمْسمِائَة ألف دِرْهَم. فَعظم بذلك شَأْن الْأَمِير أرغون الكاملي نَائِب حلب فَإِنَّهُ مَعَ صغر سنه كَانَ لَهُ أَرْبَعَة مماليك أُمَرَاء وَله ولد عمره ثَلَاث سِنِين أَمِير مائَة مقدم ألف فَلَمَّا مَاتَ هَذَا الْوَلَد أضيفت تقدمته إِلَى إقطاع النِّيَابَة وَكَانَ لأربعة من أخوته القادمين من الْبِلَاد وأقاربه أَربع إمرات. وَفِي ثَالِث جُمَادَى الْآخِرَة: سَافر الْأَمِير حسام الدّين طرنطاي إِلَى الْبِلَاد الشامية بعدة خُيُول لنواب الشَّام. وَفِي خامسه: عزل الْأَمِير بكتمر المؤمني أُمِّي آخور وَاسْتقر عوضه الْأَمِير قندس. وَكَانَ من خير آل مهنا أَنهم قووا وفخم أَمرهم حَتَّى صَار من أَوْلَاد مهنا بن عِيسَى وَأَوْلَادهمْ نَحْو مائَة وَعشرَة مَا مِنْهُم إِلَّا وَمن لَهُ إمرة وإقطاع. فبطروا وشنوا الغارات على الْبِلَاد وَقَطعُوا الطرقات على التُّجَّار حَتَّى امْتنعت السابلة وَذَلِكَ بعد موت السُّلْطَان الْملك النَّاصِر مُحَمَّد فَقبض على فياض وسجن واستقرت الإمرة لِأَخِيهِ جَبَّار فسكن الشَّرّ وسافرت القوافل. ثمَّ خلص فياض من السجْن بشفاعة الْأَمِير مغلطاي أَمِير آخور وَركب من الْقَاهِرَة وَلحق بأَهْله فَلَمَّا خامر بيبغا روس كتب لَهُ بالإمرة فَبعث أَوْلَاده بتقدمته. ثمَّ قدم سيف بن فضل فولى الإمرة وعزل فياض فَلم يُحَرك سَاكِنا حَتَّى توجه الْأَمِير أرغون الكاملي نَائِب حلب لقِتَال ابْن دلغادر فَكثر طمعه وفساده. ثمَّ ركب جَبَّار وفياض ابْنا مهنا إِلَى إقطاعاتهم الَّتِي خرجت عَنْهُم لسيف بن فضل وبريد بن تتر وقسموها وَرفعُوا مغلاتها. فَلم يطق سيف معارضتهم لقوتهم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute