النواحي وسيوف أَهلهَا بأسرها. وَعرضت الرِّجَال فَمن كَانَ مَعْرُوفا أفرج عَنهُ وَمن لم يعرف أقرّ فِي الْحَدِيد وَحمل إِلَى السجْن. ورسم أَن الفلاحين تبيع خيولهم بِالسوقِ ويوردون أثمانها مِمَّا عَلَيْهِم من الْخراج فبيعت عدَّة خُيُول وَأورد أثمانها للمقطعين وَالْفرس الَّذِي لم يعرف لَهُ صَاحب حمل إِلَى إصطبل السُّلْطَان. وَكتب للأمير عز الدّين أزدمر الكاشف بِالْوَجْهِ البحري أَن يركب ويكبس الْبِلَاد الَّتِي لأرباب الجاه وَالَّتِي يَأْوِيهَا أهل الْفساد فَقبض على جمَاعَة كَثِيرَة ووسطهم وسَاق مِنْهُم إِلَى الْقَاهِرَة نَحْو ثَلَاثمِائَة وَخمسين رجلا وَمِائَة وَعشْرين فرسا وسلاحاً كثيرا. ثمَّ أحضر الْأَمِير أزدمر من الْبحيرَة سِتّمائَة وَأَرْبَعين فرسا فَلم يبْق بِالْوَجْهِ البحري فرس ورسم لقضاة الْبر وعدوله بركوب البغال والأكاديش. ثمَّ كبست البهنسا وبلاد الفيوم فَركب الأميران طاز وصرغتمش. بِمن مَعَهُمَا إِلَى الْبِلَاد وَقد مر أَهلهَا واختفى بَعضهم فِي حفائر تَحت الأَرْض. فقبضوا النِّسَاء وَالصبيان وعاقبوهم حَتَّى دلوهم على الرِّجَال فسفكوا دِمَاء كثيرين وعوقب كثير من النَّاس بِسَبَب من اختفي وَأخذت عدَّة أسلحة. وَاتفقَ لناحية النحريرية أَنه شهد على بعض نصاراها أَن جده كَانَ مُسلما فَحكم قاضيها بِإِسْلَامِهِ وحبسه حَتَّى يسلم. فَاجْتمع النَّصَارَى إِلَى الْوَالِي وأخرجوا الحبيس لَيْلًا فتصايحت الْعَامَّة من الغض بِالْقَاضِي فَغَضب الْوَالِي من ذَلِك وَطلب القَاضِي لينكر عَلَيْهِ مَا فعله فَقَامَتْ الْعَامَّة مَعَ القاضى وَأَغْلقُوا الحوانيت واجتمعوا ليرجموا الْوَالِي. فَجمع لَهُم الْوَالِي أَيْضا ليوقع بهم فحملوا عَلَيْهِ وهزموه حَتَّى خرج من الْبَلَد وهدموا كَنِيسَة كَانَت بهَا حَتَّى لم يبْق بهَا جِدَار قَائِم وأحرقوا مَا بهَا من الصلبان والتماثيل وعمروها مَسْجِدا ونبشوا قُبُور النَّصَارَى وأحرقوا رممهم وهموا يَأْخُذُونَ النَّصَارَى فَهَرَبُوا مِنْهُم وَكَانَ يَوْمًا مهولا. فَكتب الْوَالِي إِلَى الْأُمَرَاء والوزير بالشكاية من القَاضِي وَأَنه ضيع مَال السُّلْطَان وَهُوَ خَمْسمِائَة ألف دِرْهَم بتعرضه لِلنَّصْرَانِيِّ حَتَّى ثارت بِسَبَبِهِ الْفِتْنَة. وَكتب النَّصَارَى أَيْضا إِلَى الحسام أستادار العلائي - وَقد ترقى حَتَّى صَار أَمِير طبلخاناه - فَقَامَ مَعَ النَّصَارَى وَحدث الْأَمِير شيخو وشنع على القَاضِي وسعى فِي إِلْزَامه لإعادة الْكَنِيسَة من مَاله. فَطلب القَاضِي والوالي فحضرا وَعقد مجْلِس حَضَره الْقُضَاة الْأَرْبَعَة بِجَامِع القلعة وَمَعَهُمْ الْوَزير وَغَيره من أهل الدولة فانتصب الحسام لمخاصمة قَاضِي النحريرية ومازالوا حَتَّى انْفَضُّوا على غير رضى فأغرى الْأَمِير شيخو بِقِيَام الْقُضَاة مَعَ قَاضِي النحريرية وهول الْأَمر فانعقد الْمجْلس بَين
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute