يَدَيْهِ وَقد امْتَلَأَ غَضبا على القَاضِي. فعندما اسْتَقر بهم الْمجْلس أغْلظ شيخو على القَاضِي وَأخذ الحسام ينهره ويخزيه بالْقَوْل وساعده على هَذَا الْأَمِير عز الدّين أزدمر كاشف الْوَجْه البحري حَتَّى يتَبَيَّن الْغَرَض. فامتعض لذَلِك الشَّيْخ أكمل الدّين مُحَمَّد بن مَحْمُود بن أَحْمد شيخ الْجَامِع الشيخوني يَوْمئِذٍ وَله اخْتِصَاص زَائِد بالأمير شيخو وَأخذ يتَكَلَّم مَعَه بالتركية فِي إِنْكَار مَا قَامَ فِيهِ الحسام من إِعَادَة الْكَنِيسَة وتعصبه على القَاضِي لِلنَّصَارَى وَخَوف الْأَمِير عَاقِبَة ذَلِك. فشاركه الحسام فِي الْكَلَام مَعَ الْأَمِير وَجرى على عَادَته فِي إِعَادَة الْكَنِيسَة فصدعه الْأَكْمَل بالإنكار وزجره وَمنعه من الْكَلَام فِي هَذَا وَقَالَ لَهُ: مَا يحل السَّلَام عَلَيْك فَإنَّك فد خرحت من الْإِسْلَام بتعصبك لِلنَّصَارَى. ومازال الشَّيْخ أكمل الدّين يلح فِي الْكَلَام حَتَّى رسم الْأَمِير شيخو بالكشف عَن الْوَاقِعَة لينْظر من تعدى من الرجلَيْن - القَاضِي أَو الْوَالِي ووكل بهما من يحفظهما حَتَّى يحضر الْكَشْف عَن أَمرهمَا. فَلَمَّا حضر الْكَشْف من وَالِي الْمحلة وَكَانَ قد حسن أَمرهمَا بِأَن ذكر أَن كلا مِنْهُمَا أَسَاءَ التَّدْبِير رسم بعزل الوالى وَالْقَاضِي. وَفِيه رسم بتجريد أجناد الْحلقَة إِلَى بِلَاد الصَّعِيد فَعرض النَّائِب قبلاي مقدمي الْحلقَة وَعين مِنْهُم تسعين مقدما اخْتَار مِنْهُم خَمْسَة وَعشْرين مقدما مَعَ كل مقدم عشرُون من أجناد الْحلقَة لتَكون عدَّة الْجُمْلَة خَمْسمِائَة فَارس فَبَيْنَمَا هم فِي تجهيز أَمرهم إِذْ ورد كتاب الْأَمِير بِأَنَّهُ لَا يحْتَاج إِلَى ذَلِك فبطلت تجريدتهم. وفيهَا كثرت المناسر بِظَاهِر الْقَاهِرَة فِي مُدَّة غيبَة السُّلْطَان وكبسوا عدَّة دور وركبوا الْخَيل وَضَاقَتْ بهم الرجالة فَعظم الضَّرَر بهم. وتتبع الْوَالِي آثَارهم حَتَّى ظهر أَنهم فِي نَاحيَة بلبيس فكبس عَلَيْهِم وَقبض مِنْهُم جمَاعَة اعْتَرَفُوا بعد - عقوبتهم على بَقِيَّة أَصْحَابهم فتتبعهم الْوُلَاة بالنواحي حَتَّى أخذوهم. ورتب فِي أثْنَاء ذَلِك أَرْبَعَة أُمَرَاء وأضيف إِلَيْهِم عدَّة من أجناد الْحلقَة للطَّواف بِاللَّيْلِ خَارج الْقَاهِرَة. وَركب الْوَالِي بجماعته طول اللَّيْل فِي الْقَاهِرَة وَسمر عدد كثير من أهل الْفساد بِالْقَاهِرَةِ ووسط خلق فِي النواحي. وَكتب إِلَى جَمِيع أَعمال الْوَجْه البحرى بألا يدعوا عِنْدهم مُفْسِدا وَلَا أحدا مِمَّن يتجمع إِلَيْهِم من بِلَاد الصَّعِيد والفيوم وَمن آواهم حل دَمه. وحذر أَيْضا من اقتناء الْخَيل بِجَمِيعِ الْأَعْمَال وألزموا بإحضارها. فَاشْتَدَّ طلب الْوُلَاة لذَلِك وَقبض على جمع كَبِير وَأخذت خُيُول وأسلحة كَثِيرَة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute