فَمَاتَ بهَا خلق كثير من الدُّخان. وَخرج اليهم جمَاعَة فَكَانَ فيهم من يلقى نَفسه من أَعلَى الْجَبَل وَلَا يسلم نَفسه وَيرى الْهَلَاك أسهل من أَخذ الْعَدو لَهُ. فَهَلَك فِي الْجبَال أُمَم كَثِيرَة وَقتل مِنْهُم بِالسَّيْفِ مَا لَا يُحْصى كَثْرَة حَتَّى عملت عدَّة حفائر وملئت من رممهم وَبنى فَوْقهَا مصاطب ضربت الْأُمَرَاء رنوكها عَلَيْهَا وأنتنت الْبَريَّة من جيف الْقَتْلَى ورمم الْخَيل. ثمَّ فرق الْأَمِير شيخو الْأُمَرَاء فِي الْبِلَاد لكبسها فطرقوا عَامَّة النواحي وقبضوا على جمَاعَة كَثِيرَة قتلوا مِنْهُم خلقا كثيرا وأحضروا خلقا إِلَى الْأَمِير شيخو فأقاموا على هَذَا عدَّة أَيَّام حَتَّى لم يبْق بِبِلَاد الصَّعِيد بدوي. ثمَّ نصبت الأخشاب على الطرقات وعلق فِيهَا أعداد وافرة مِمَّن شنق ووسط من الْعَرَب فَكَانَ أَولهَا طما وأخرها منية ابْن خصيب. ثمَّ عَاد الْأَمِير شيخو. مِمَّن مَعَه وصحبته نَحْو الالفي رجل فِي الْحَدِيد فَلم يصل إِلَى الْقَاهِرَة مِنْهُم سوى ألف وَمِائَتَيْنِ وَهلك باقيهم بِالْجُوعِ والتعب. فَلَمَّا نزل طموة خرج اليه الْأُمَرَاء بأجمعهم وَعمِلُوا لَهُ الولائم الْعَظِيمَة مُدَّة أَيَّام. ثمَّ سَافر الْأَمِير شيخو مِنْهَا فِي موكب جليل والأسرى بَين يَدَيْهِ والخيول وَالْجمال وَالسِّلَاح حَتَّى صعد القلعة وَكَانَ يَوْمًا مشهوداً. وَأثْنى عَلَيْهِ من كَانَ مَعَه بإحسانه اليهم ونفقاته فيهم فَكَانَت مُدَّة غيبته نَحْو ثَلَاثَة أشهر وَأَقل مَا قيل إِنَّه قتل فِي هَذِه الْوَاقِعَة زِيَادَة على عشرَة الاف رجل. ثمَّ قدمت الأسرى الَّتِي أحضرت مَعَ الْأَمِير شيخو أَو من بعث بِهِ الْكَشَّاف والولاة وَفِيهِمْ ابْن ميسرَة الثائر بالأطفيحية فأفرج عَن جمَاعَة مِنْهُم. وسمو ابْن ميسرَة وَثَلَاثَة عشر من أكَابِر العربان وَمِائَة وَأَرْبَعُونَ رجلا من شرارهم وشهروا. وَقيد جمَاعَة وَسَخِرُوا فِي الْعَمَل. وَعرضت الدَّوَابّ فَكَانَت الْفَا وثلاثمائة فرس والفا وَخَمْسمِائة جمل وَسَبْعمائة حمَار وأغناماً كَثِيرَة سوى مَا نهبه العبيد وأكلوه. وَعرض السِّلَاح فَكَانَ مائَة حمل رماح وَثَمَانِينَ حمل سيوف وَثَلَاثِينَ حمل درق. وَكتب لجَمِيع وُلَاة الْأَعْمَال وكشافها الا يدعوا فِي جَمِيع النواحي فرسا لبدوي وَلَا لفلاح سوى أَرْبَاب الأدراك فَإِنَّهُ يتْرك لكل وَاحِد مِنْهُم فرس. فَركب الْوُلَاة إِلَى الْبِلَاد وَأخذُوا مَا بهَا من الْخُيُول وسيروها إِلَى اصطبل السُّلْطَان. فَكَانَ الرجل إِذا حضر وَادّعى ملك شَيْء سلم اليه بعد مَا تظهر صِحَة دَعْوَاهُ والزم بعد تَسْلِيمه بِأَن يَبِيعهُ وَيُعْطى ثمنه مِمَّا عَلَيْهِ من الْخراج فكثرت الْخُيُول بِالْقَاهِرَةِ وَاسْتوْفى الأجناد خراجهم قبل أَوَانه.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute