للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تَاج الدّين نَاظر الْخَاص بالأمير طاز وعرفه كَثْرَة مَا على الدولة من الكلف وَأَنَّهَا لَا تفى بذلك وَقرر مَعَه أَن يوفر من المصاريف جلة. وَكتب تَاج الدّين مَا على الدولة من المصروف فَكَانَت جملَة مَا أطلقهُ الصاحب موفق الدّين لزوجته اتِّفَاق وخدامها وَمن يلوذ بهَا سَبْعمِائة ألف دِرْهَم فِي كل سنة. ثمَّ كتب تَاج الدّين استيمارا بِمَا يَتَرَتَّب صرفه وَأخذ عَلَيْهِ خطّ السُّلْطَان وَعين صهره فَخر الدّين ماجد بن قزوينة لنظر الدولة فَطلب وخلع عَلَيْهِ شريك فَخر الدّين بن السعيد. فَكَانَ المتوفر من معاليم المباشريين جملَة كَثِيرَة فَإِنَّهُ لم يدع مباشراً الا وفر من معلومه نصفه أَو ثُلثَيْهِ وَلم يراع مِنْهُم أحدا لَا من مباشرى الدولة وَلَا مباشرى الْخَاص وَلَا مباشرى الْإسْكَنْدَريَّة ودمياط وجيع أَعمال الْوَجْه القبلى وَالْوَجْه البحرى. ثمَّ عزل تَاج الدّين كثيرا من مباشرى الْمُعَامَلَات فَإِنَّهُ كَانَ فِي كل مُعَاملَة سِتَّة مباشرين وَأكْثر فَجعل فِي كل مُعَاملَة ثَلَاثَة مباشرين ورتب لكل مِنْهُم نصف مَعْلُوم. ووفر تَاج الدّين معلومه على نظر الْخَاص وباشر الْخَاص بِمَعْلُوم الْجَيْش. فَشَمَلَ هَذَا كل من لَهُ مَعْلُوم فِي بَيت السُّلْطَان من متجر وَغَيره مَا خلا الموقعين والأطباء فَإِن الموقعين عَنى بهم كَاتب السِّرّ عَلَاء الدّين على بن فضل الله وَكَانَ عَظِيما فِي الدولة فَلم يتَعَرَّض تَاج الدّين لشَيْء من معاليمهم وأقرها بكمالها. وَأما الْأَطِبَّاء فاعتنى بهم الْأَمِير طاز فانه أَمِير مجْلِس وهم من تعلقه. وَأما من عدا هَؤُلَاءِ فَإِنَّهُ حاصصه على مباشرى صرغتمش وطاز وشيخو فجَاء جملَة المتوفر نَحْو سَبْعمِائة ألف دِرْهَم فِي كل سنة. فشق ذَلِك على الْأُمَرَاء وكرهوا قطع الأرزاق وتشاءموا بِهَذَا الْفِعْل. واشتهر ذَلِك بَين النَّاس فَتَنَكَّرت قُلُوبهم وَكثر دعاؤهم وابتهالهم إِلَى الله تَعَالَى. ثمَّ إِن تَاج الدّين اتهمَ بدر الدّين نَاظر الْخَاص بِأَنَّهُ حوى مَالا كثيرا من جِهَة تَرِكَة ابْن زنبور ومازال بِهِ حَتَّى حمل من بَيته وَهُوَ مَرِيض إِلَى القلعة والزم بِحمْل مَال كَبِير فَحمل بدر الدّين المَال مُدَّة أَيَّام وَمَات يَوْم الثُّلَاثَاء رَابِع عشرى جُمَادَى الأولى فِي قاعة الصاحب بالقلعة بعد موت الصاحب موفق الدّين بِشَهْر ويومين. فَقَامَ الْأَمِير صرغتمش فِي مساعدته وَمنع من الحوطة على موجوده وَكَانَ بدر الدّين قد خلف سَعَادَة جليلة مِمَّا حصله من جِهَة ابْن زنبور. وَفِي سادس عشر جُمَادَى الأولى: قدم ابْن رَمَضَان التركمانى المستقر عوضا عَن قراجا بن دلغادر وَقدم للسُّلْطَان والأمراء ألف أكديش. فرسم لَهُ بالإمرة على التركمان وأنعم لَهُ بالإقطاع وأنعم على عدَّة من أَصْحَابه بإمرات مَا بَين عشرات وطبلخاناه وَعَاد إِلَى بِلَاده.

<<  <  ج: ص:  >  >>