للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَفِيه رسم بِعَمَل أوراق بالرزق الأحباسيه الَّتِي فِي إقطاعات الْأُمَرَاء وَفِي غير ذَلِك من أَرَاضِي مصر مِمَّا هِيَ مَوْقُوفَة على الْكَنَائِس والديارات فَجَاءَت خَمْسَة وَعشْرين ألف فدان. فأنعم وَفِي هَذِه السّنة: كَانَت وَاقعَة النَّصَارَى وَذَلِكَ أَنهم كَانُوا قد تعاظموا وتباهوا بالملابس الفاخرة وَمن الفرجيات المصقولة والبقيار الَّذِي يبلع ثمنه ثَلَاثمِائَة دِرْهَم والفرط الَّتِي تلفهَا عبيدهم على رؤوسهم. بمبلغ ثَمَانِينَ درهما الفوطة. وركبوا الْحمير الفره ذَات الْأَثْمَان الْكَثِيرَة وَمن ورائهم عبيدهم على الأكاديش. وبنوا الْأَمْلَاك الجليلة فِي مصر والقاهرة ومتنزهاتها واقتنوا الْجَوَارِي الجميلة من الأتراك والمولدات واستولوا على دواوين السُّلْطَان والأمراء وَزَادُوا فِي الْحمق والرقاعة وتعدوا طورهم فِي الترفع والتعاظم. وَأَكْثرُوا من أذي الْمُسلمين وإهانتهم إِلَى أَن مر بَعضهم يَوْمًا على الْجَامِع الْأَزْهَر بِالْقَاهِرَةِ وَهُوَ رَاكب بخف ومهماز وبقيار طرح سكندرى على رَأسه وَبَين يَدَيْهِ طرادون يبعدون النَّاس عَنهُ وَخَلفه عدَّة عبيد على أكاديش وَهُوَ فِي تعاظم كَبِير. فَوَثَبَ بِهِ طَائِفَة من الْمُسلمين وأنزلوه عَن فرسه وهموا بقتْله فخلصه النَّاس من أَيْديهم. وتحركت النَّاس فِي أَمر النَّصَارَى وماجوا وانتدب عدَّة من أهل الْخَيْر لذَلِك وصاروا إِلَى الْأَمِير طاز الشريف أَبى الْعَبَّاس الصفراوي وبلغوه مَا عَلَيْهِ النَّصَارَى مِمَّا يُوجِبهُ نقض عَهدهم وانتدبوه لنصرة الْإِسْلَام وَالْمُسْلِمين. فانتفض الْأَمِير طاز لذَلِك وَحدث الاصرين شيخو وصرغتمش وَبَقِيَّة الْأُمَرَاء فِي ذَلِك بَين يَدي السُّلْطَان فوافقوه جَمِيعًا وَكَانَ لَهُم يَوْمئِذٍ بِالْإِسْلَامِ وَأَهله عناية. ورتبوا قصَّة على لِسَان الْمُسلمين قُرِئت بدار الْعدْل على السُّلْطَان بِحَضْرَة الْأُمَرَاء والقضاة وَعَامة أهل الدولة. فرسم بِعقد مجْلِس للنَّظَر فِي هَذَا الْأَمر ليحمل النَّصَارَى وَالْيَهُود على الْعَهْد الَّذِي تقرر فِي خلَافَة أَمِير الْمُؤمنِينَ عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ. وَطلب بطرك النَّصَارَى وَرَئِيس الْيَهُود وَحَضَرت قُضَاة الْقُضَاة وعلماء الشَّرِيعَة وأمراء الدولة وجىء بالبطرك والرئيس فوقفا على أرجلهما وَقَرَأَ العلائى على ابْن فضل الله كَاتب السِّرّ نُسْخَة الْعَهْد الَّذِي بَيْننَا وَبَين أهل الذِّمَّة بعد مَا الزموا بإحضاره وَهُوَ الا يحدثوا فِي الْبِلَاد الإسلامية وأعمالها ديراً وَلَا كَنِيسَة وَلَا صومعة وَلَا يجددوا مِنْهَا مَا خرب وَلَا يمنعوا من كنائسهم الَّتِي عَاهَدُوا عَلَيْهَا أَن ينزل بهَا أحد من الْمُسلمين ثَلَاث لَيَال يطعمونه. وَلَا يكتموا غشاً للْمُسلمين وَلَا يعلمُوا أَوْلَادهم الْقُرْآن وَلَا يمنعوهم من الْإِسْلَام إِن

<<  <  ج: ص:  >  >>