وَركب السُّلْطَان فِي يَوْم السبت ثَالِث شعْبَان - بعد مَا لعب بالكرة على عَادَته - إِلَى القلعة. فَلَمَّا اسثقر بهَا حسن لَهُ نَاظر الْخَاص أَن ينْقل مَا بخزانة الْخَاص من التحف الَّتِي قدمهَا النواب وَغَيرهم إِلَى دَاخل الدَّار فَحملت كلهَا. ثمَّ كتب نَاظر الْخَاص أَسمَاء جمَاعَة لَهُم أَمْوَال من جُمْلَتهمْ خَالِد بن دَاوُد مقدم الْخَاص وأغرى السُّلْطَان بِهِ. فَأخذ الْأَمِير قجا أَمِير شكار فِي الدّفع عَن خَالِد وَكَانَ يعْنى بِهِ ثمَّ أعلم خَالِدا بِمَا كَانَ فالتزم لَهُ خَالِد أَن يحصل للسُّلْطَان أَمْوَالًا عَظِيمَة من ودائع ابْن زنبور أَضْعَاف مَا يطْلب مِنْهُ على أَن يُعْفَى من تقدمة الْخَاص وينعم عَلَيْهِ بإقطاع وَيبقى من جملَة الأجناد فأتقن لَهُ أَمِير شكار ذَلِك مَعَ السُّلْطَان فَأجَاب السُّلْطَان سُؤَاله واستدعى خَالِد والبسه الكلفتاه ومكنه مِمَّا يُرِيد. فَنزل خَالِد وَقبض على جمَاعَة من الزام ابْن زنبور فدلوه على صندوق قد أودع عِنْد قاضى الْحَنَفِيَّة بالجيزة فَركب اليه وَأَخذه مِنْهُ فَوجدَ فِيهِ مصاغاً وزراكش. فَأخذ خَالِد فِي تتبع حَوَاشِي ابْن زنبور حَتَّى أَخذ مِنْهُم مَا ينيف على مائَة ألف دِينَار فاشتكى نَاظر الْخَاص من فعله نكاية بَالِغَة. فَلَمَّا كَانَ فِي شهر رَمَضَان خرج السُّلْطَان إِلَى نَاحيَة سرياقوس على الْعَادة وَمَعَهُ والدته وحريمه وَجَمِيع الْأُمَرَاء وَغَيرهم من أهل الدولة وَتَأَخر الْأَمِير شيخو بإصطبله لوعك بِهِ. فَكثر لَهو السُّلْطَان ولعبه وشغفه بالأمير جنتمر حَتَّى أفرط وَجمع عَلَيْهِ الْأَمِير قجا أَمِير شكار وأخوته. وَمَال السُّلْطَان إِلَى جِهَة الْأَمِير طاز وَأعْرض عَن الْأَمِير شيخو والأمير صرغتمش. وَصَارَ يركب النّيل فِي اللَّيْل ويستدعى أَرْبَاب الصَّنَائِع من الطباخين والخراطين والقزازين وَنصب لَهُ نول قزازة وَعمل هَذِه الْأَعْمَال بِيَدِهِ فَكَانَ إِذا رأى صناعَة من الصناعات عَملهَا فِي أيسر زمن بِيَدِهِ. وَعمل لخوند قطلوبك أمه مهما طبخ فِيهِ الطَّعَام بِيَدِهِ وَعمل لَهَا جَمِيع مَا يعْمل فِي الموكب السلطاني ورتب لَهَا الخدام والجواري مَا بَين حمدارية وسقاة وَمِنْهُم من حمل الغاشية والقبة وَالطَّرِيق وأركبها فِي الحوش بزِي الْملك وهيئة السلطنة. وخلع وَأنْفق ووهب شَيْئا كثيرا من المَال. ثمَّ شدّ فِي وَسطه فوطة ووقف فطبخ الطَّعَام فِي هَذَا المهم بِنَفسِهِ وَمد السماط بَين يَديهَا بِنَفسِهِ فَكَانَ مهما يخرج عَن الْحَد فِي كَثْرَة المصروف فَأنْكر ذَلِك الْأَمِير شيخو وكتم مَا فِي نَفسه. فَلَمَّا عَاد السُّلْطَان فِي آخر الشَّهْر من سرياقوس إِلَى القلعة وَقد بلغ شيخو أَن السُّلْطَان قد اتّفق مَعَ إخْوَة طاز على أَن يقبض عَلَيْهِ وعَلى صرغتمش يَوْم الْعِيد. وَكَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute