وصاهروا مُلُوك النّوبَة وأمراء العكارمة واشتدت شوكتهم. ثمَّ قدم ركن الدّين كرنبس من أُمَرَاء النّوبَة والحاج ياقوت ترجمان النّوبَة وأرغون مَمْلُوك فَارس الدّين برسالة متملك دمقلة بِأَن ابْن أُخْته خرج عَن طَاعَته واستنجد ببني جعد من الْعَرَب وقصدوا دمقلة فاقتتلا قتالاً كثيرا قتل فِيهِ الْملك وَانْهَزَمَ أَصْحَابه. ثمَّ أَقَامُوا عوضه فِي المملكة أَخَاهُ وامتنعوا بقلعة الدو فِيمَا بَين دمقلة وأسوان. فَأخذ ابْن أُخْت الْمَقْتُول دمقلة وَجلسَ على سَرِير المملكة وَعمل وَلِيمَة جمع فِيهَا أُمَرَاء بني جعد وكبارهم وَقد أعد لَهُم جمَاعَة من ثقاته ليفتكوا بهم وَأمر فأخليت الدّور الَّتِي حوال دَار مضيفهم وملأها حطباً. فَلَمَّا أكلُوا وَشَرِبُوا خرجت جمَاعَة بأسلحتهم وَقَامُوا على بَاب الدَّار وأضرم آخَرُونَ النَّار فِي الْحَطب فَلَمَّا اشتعلت بَادر العربان بِالْخرُوجِ من الدَّار فأوقع الْقَوْم بهم وَقتلُوا مِنْهُم تِسْعَة عشر أَمِير فِي عدَّة من أكابرهم. ثمَّ ركب إِلَى عَسْكَرهمْ فَقتل مِنْهُم مقتلة كَبِيرَة وَانْهَزَمَ باقيهم فَأخذ جَمِيع ماكان مَعَهم واستخرج ذخائر دمقلة وأموالها وأخلاها من أَهلهَا. وَمضى إِلَى قلعة الدو وسألا أَن ينجدهما السُّلْطَان على الْعَرَب حَتَّى يستردوا ملكهمَا وَالْتزم بِحمْل مَال فِي كل سنة إِلَى مصر. فرسم بسفر الْأَمِير أقتمر عبد الْغَنِيّ حَاجِب الْحجاب وَمَعَهُ الْأَمِير ألجاي أحد أُمَرَاء الألوف وَعشرَة أُمَرَاء عشرات وَثَمَانِية أُمَرَاء طبلخاناه مِنْهُم أَمِير خَلِيل بن قوصون وأسندمر حرفوش الْحَاجِب ومنكوتمر الجاشنكير ودقماق بن طغنجى ويَكتمر شاد الْقصر وأمير مُوسَى بن قرمان وأمير مُحَمَّد بن سرطقطاى فِي عدَّة من المماليك السُّلْطَانِيَّة وَأخذُوا فِي تجهيزهم من سادس عشر شهر ربيع الأول. وَسَارُوا فِي رَابِع عشرينه وهم نَحْو الثَّلَاثَة آلَاف فَارس فأقاموا بِمَدِينَة قوص سِتَّة أَيَّام واستدعوا أُمَرَاء أَوْلَاد الْكَنْز من ثغر أسوان ورغبوهم فِي الطَّاعَة وخوفوهم عَاقِبَة الْمعْصِيَة وأمنوهم. ثمَّ سَارُوا من قوص فأتتهم أُمَرَاء الْكُنُوز طائعين عِنْد عقبَة أدفو فَخلع عَلَيْهِم الْأَمِير أَقتمر عبد الْغَنِيّ وَبَالغ فِي إكرامهم. وَمضى بهم أسوان فخيم بِظَاهِرِهِ من الْبر الغربي أَرْبَعَة عشر يَوْمًا نقل مَا كَانَ مَعَ الْعَسْكَر فِي المراكب من الأسلحة وَغَيرهَا على الْبر حَتَّى قطعت الجنادل إِلَى قَرْيَة بلاق فأكمل نقل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute