على شط الْبَحْر - وأوقعوا بهم فهلكوا مَا بَين غريق وقتيل وَلم ينج مِنْهُم إِلَّا طريح أَو جريح أومن نجا بِخَاصَّة نَفسه - وَقَلِيل مَا هم - وَحَازَ التركمان من المَال والآلات والخيول وَالْجمال والأسلحة مَا يجل وَصفه من ذَلِك ثَلَاثُونَ ألف جمل بأحمالها وَثَلَاثَة عشر ألف رَأس من الْخَيل غالبها مسرجة ملجمة إِلَى غير ذَلِك فَكَانَ هَذَا أَيْضا من الوهن فِي الدولة فَإِن التراكمين كَانُوا للدولة. بِمَنْزِلَة السُّور عَلَيْهَا ويتحصل مِنْهُم فِي كل سنة عشرات آلَاف من الْغنم يُؤْخَذ مِنْهُم عَن زَكَاة أغنامهم يُقَال لَهُ الْعداد وينال أهل حلب مِنْهُم مَنَافِع لَا تحصى وَإِذا ندبهم السُّلْطَان لِحَرْب بَادرُوا إِلَى امْتِثَال أمره وعدوا ذَلِك طَاعَة وَعبادَة فصيرهم سوء التَّدْبِير وَكَثْرَة الظُّلم أَعدَاء لدولة تقتل رجالها وتنهب أموالها وتستولي على أَعمالهَا وَللَّه عَاقِبَة الْأُمُور. وَاتفقَ أَيْضا للْحَاج فِي عودهم محن شَدِيدَة من موت الْجمال وتزايد الأسعار فَلَمَّا نزلُوا بالأزلم - وَفِي ظنهم أَنهم يَجدوا مَا جرت بِهِ الْعَادة من الشّعير والبشماط الْمَحْمُول إِلَيْهِم من الْقَاهِرَة - فَلم يَجدوا شَيْئا من ذَلِك وَذَلِكَ أَن العربان تعرضت للإقامات تُرِيدُ نهبها فَلم تتجاوز مغارة شُعَيْب فَاشْتَدَّ الْأَمر على الْحجَّاج وعلفوا جمَالهمْ. مِمَّا مَعَهم من زادهم الَّذِي هُوَ قوتهم وَانْقطع كثير مِنْهُم فِي الطرقات جوعا وتعباً وَبَلغت الويبة الشّعير إِلَى خمسين درهما فضَّة ثمَّ تزايد سعرها حَتَّى بلغت مائَة دِرْهَم وغلا عَامَّة مَا يُبَاع أَيْضا. وفيهَا أُعِيد الْبُرْهَان إِبْرَاهِيم الصنهاجي إِلَى قَضَاء الْمَالِكِيَّة بِدِمَشْق عوضا عَن علم الدّين القفصي وأعيد فتح الدّين أَبُو بكر بن عماد الدّين أبي إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم جمال الدّين أبي الْكَرم مُحَمَّد بن الشَّهِيد إِلَى كِتَابَة السِّرّ بِدِمَشْق عوضا عَن بدر الدّين مُحَمَّد ابْن مُزْهِر وأعيد الْجلَال مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عُثْمَان الزرعي إِلَى قَضَاء الشَّافِعِيَّة بحلب عوضا عَن الْكَمَال عمر بن عُثْمَان المعري وأعيد شمس الدّين مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُهاجر إِلَى كِتَابَة السِّرّ بحلب عوضا عَن ابْن أبي الطّيب. وَمَات فِي هَذِه السّنة من الْأَعْيَان الشَّيْخ أَحْمد بادار العجمي نزيل الْقَاهِرَة بالقدس وَقد عمى وأناف على السّبْعين وَكَانَت لَهُ أَحْوَال عَجِيبَة وَلِلنَّاسِ فِيهِ اعْتِقَاد. وَمَات الْأَمِير أطْلمش الدوادار أحد أُمَرَاء الألوف فِي ربيع الآخر بِدِمَشْق وَقد أخرج إِلَيْهَا على إمرة بهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute