للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يكلمهم بعْدهَا. وَكَانَ فِي صَوته غلظ يُوهم أَنه لَيْسَ بِكَلَام إنس فَلَمَّا أيس من مكالمته قَامَ عَنهُ وَقد اشتدت فتْنَة النَّاس بِالْحَائِطِ حَتَّى كَادُوا يتخذوه معبودا لَهُم وغلوا فِيهِ كعادتهم وَزَعَمُوا لَهُ مَا شَاءُوا من ترهاتهم وَكَانَ ذَلِك يَوْم الْإِثْنَيْنِ ثَانِي عشره. ثمَّ ذَلِك عَاد إِلَى الحَدِيث مَعَ النَّاس فَنزل إِلَيْهِ عدَّة من الْأُمَرَاء والأعيان وحملوا إِلَيْهِ المأكل وَغَيرهَا إِلَى يَوْم الْإِثْنَيْنِ ثَالِث شعْبَان والمحتسب يدبر فِي كشف هَذِه الْحِيلَة. ودس إِلَى الفيشي من استدرجه حَتَّى اعْترف بِأَنَّهَا حِيلَة فَركب الْمُحْتَسب فِي يَوْمه وَمَعَهُ جمَاعَة إِلَى بَيت الفيشي وَقبض عَلَيْهِ وعَلى امْرَأَته وعَلى فَقير عِنْدهم للنَّاس فِيهِ اعْتِقَاد يعرف بالركن عمر وَعَاد بهم إِلَى دَاره وَمَا زَالَ وَالْمَرْأَة إِلَى أَن أعلمته أَنَّهَا هِيَ الَّتِي كَانَت تَتَكَلَّم وَسبب ذَلِك أَن ابْن الفيشي زَوجهَا كَانَ يسيء عشرتها فاحتالت عَلَيْهِ بِهَذِهِ الْحِيلَة توهمه بِأَن الجان توصيه بهَا فتمت حيلتها عَلَيْهِ وانفعل لَهَا فأعلمته. بِمَا كَانَ مِنْهَا فَرَأى أَن تستمر على ذَلِك لينالا بِهِ جاها ومالا فوافقته على ذَلِك حَتَّى كَانَ مَا كَانَ. فَركب وَأعلم الْأَمِير الْكَبِير بقول الْمَرْأَة وَأَخذهَا وَزوجهَا وَالشَّيْخ عمر مَعَه فَضرب الْأَمِير الْكَبِير الرجلَيْن بالمقارع وَضرب الْمَرْأَة بالعصى نَحوا من سِتّمائَة ضَرْبَة وَأمر بهم فسمروا ثَلَاثَتهمْ على جمال وشهروا بِالْقَاهِرَةِ ومصر فِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ هَذَا فَكَانَ يَوْمًا شنيعا عظم فِيهِ بكاء النَّاس على الْمَرْأَة فَإِنَّهَا أركبت على الْجمل ومدت يداها وسمرتا فِي الْخشب وَهِي بإزارها ونقابها وَلم وَاتفقَ نزُول المحسب بخلعة خلعت عَلَيْهِ فَكثر دُعَاء الْعَامَّة امتعاضا عَلَيْهَا - أَي على الْمَرْأَة. وَكَانَ قبل ذَلِك قد طلع ابْن الفيشي هَذَا إِلَى الْأَمِير الْكَبِير وعَلى رَأسه طيلسان وصوف وَقدم لَهُ شَيْئا من كعك قَالَ لَهُ: الشَّيْخ مُحَمَّد شيخ الْحَائِط أرسل لَك هَذَا وَأخذ بِيَدِهِ يَد الْأَمِير وَقبض عَلَيْهَا وهزها وَقَالَ لَهُ: اتَّقِ الله وَأَعْدل فِي الرّعية. فانفعل بِكَلَامِهِ وَمَشى ذَلِك عَلَيْهِ ثمَّ طلع إِلَيْهِ بعده الشَّيْخ عمر الرُّكْن وَكَانَ مَشْهُورا قد انْقَطع بسطح جَامع عَمْرو بن الْعَاصِ من مصرا نَحْو من ثَلَاثِينَ سنة وَالنَّاس تَتَرَدَّد إِلَيْهِ مَا بَين أَمِير وَرَئِيس وَغير ذَلِك ويلتمسون بركَة دُعَائِهِ إِلَى أَن اشْتهر

<<  <  ج: ص:  >  >>