للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سوق فِيهِ من أَصْنَاف الْمَأْكُول يشْتَرونَ ويأكلون وَمن مَاء الروايا والقرب الَّتِي تحمل من الْبَلَد إِلَيْهِم يشربون. فَإِذا أَصْبحُوا انتظمت الطَّائِفَة الَّتِي باتت تحرس وَدخل الْبَلَد فِي همة وَجلد وَكَثْرَة ومدد فتجتمع لدخولهم الرِّجَال والنسوان ينظرُونَ لأقوام كزهر بُسْتَان من حسن الملابس وَبَيَاض تِلْكَ الأطالس فتزغرت لَهُم النسوان إعلانا عِنْد مشاهدتهن لَهُم عيَانًا والأبواق حِينَئِذٍ تصرخ والكوسات تدق والمزامر تزمر والأعلام منشورة والمباخر بالطيب معمورة ودخانها يفوح فتنبسط لتِلْك الروائح الأرجة كل روح وَالنَّاس فِي شرح وسرور لرؤية ذَلِك الْجَيْش المخبور المهتز لَهُ الشوارع والدور. فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك على عَادَتهم مستمرين وَفِي ثغرهم مُطْمَئِنين لَا تروعهم الْأَعْدَاء وَلَا رَأَوْا مَكْرُوها أبدا إِذا دهمهم صَاحب قبرس اللعين فِي جنده الضَّالّين وشتت شملهم أجميعن فروا مِنْهُ فِي الْبلدَانِ وَدخل الْبَلَد باطمئنان وَذَلِكَ فِي يَوْم الْجُمُعَة الثَّانِي وَالْعِشْرين من الْمحرم سنة سبع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة والنيل منتَشر على الْبِلَاد قصد الملعون بإتيانه لتتعوق النجدة من مصر لبعد الطَّرِيق من الْجَبَل فنال الْخَبيث قَصده فِي ذَلِك الْيَوْم وَالَّذِي بعده وتحصن قبل إتْيَان النجدة. بمراكبه وَفَرح بسلامة نَفسه ومكاسبه فَلَو كَانَ بهَا أُمَرَاء مُجَرّدَة مَا نَالَ الْخَبيث مِنْهَا ثمن زردة لَكِن كَانَ ذَلِك فِي. الْكتاب مسطورا وَكَانَ أَمر الله قدرا مَقْدُورًا. عود إِلَى ذكر كَيْفيَّة إتْيَان القبرسي إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة وظفره بهَا وَذَلِكَ أَنه لما كَانَ فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء الْعشْرين من الْمحرم سنة سبع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة ظهر فِي الْبَحْر مراكب مشرقة ومغربة زعم أهل الْإسْكَنْدَريَّة أَنهم تجار البنادقة ينتظرونهم يأْتونَ بمتاجرهم على جاري عَادَتهم فِي كل سنة. وَكَانَت تجار الْمُسلمين جلبوا لَهُم من الْيمن أَصْنَاف البهار يبيعونها عَلَيْهِم ويتَعوضون عَنْهَا من متاجرهم. فَلَمَّا لم يدخلُوا لميناء بَات النَّاس فِي خوف شَدِيد بسببهم. فَلَمَّا أصبح يَوْم الْخَمِيس أقبلته المراكب الْكَثِيرَة طالبة سَاحل الجزيرة منشورة قلاعها كالقصور الْبيض. فَصَارَ النَّاس فِي الطَّوِيل العريض من كَثْرَة لهجهم وحر وهجهم. وَتلك المراكب مقلعة آتِيَة قد مَلَأت الْبَحْر من كل نَاحيَة فَلم تزل تشق الْبَحْر كالزلزلة إِلَى أَن حطت قلاعها ببحر السلسلة وَذَلِكَ من جِهَة الْبَاب الْأَخْضَر المسدود بعد الْوَقْعَة بالجير وَالْحجر ثمَّ فتح بعد ذَلِك وَركبت علمِه أبوابه الأول وَالثَّانِي وَالثَّالِث المتجددة وَذَلِكَ فِي يَوْم الْوَقْعَة سنة سبع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة فِي ولَايَة الْأَمِير سيف الدّين الأكز بالإسكندرية وَسَيَأْتِي ذكر ولَايَته بهَا وَمَا فعل فِيهَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى. نعود وَلما أرست المراكب الحربية ببحر السلسلة مبرزة عَن السَّاحِل اعْتد أهل

<<  <  ج: ص:  >  >>