وَإِذا أَرَادَ الله إِنْفَاذ القضا لم يكن فِيهِ لمخلوق مفر نعود إِلَى ركُوب أَمِير جنغرا لكَلَام أَصْحَاب الرَّبْط وَتَركه لما قَالَه لَهُ عبد الله التَّاجِر المغربي فَكَانَ جَوَاب جنغرا لعبد الله التَّاجِر الْمَذْكُور: لست أترك أحدا من الفرنج يصل إِلَى السَّاحِل وَلَو قطعت مني الْأَوْدَاج ونفذت الْمقَاتل وَإِذا أَرَادَ الله أَن يلطف بِعَبْدِهِ ألهمه حسن التَّدْبِير وَإِذا خذله شتت رَأْيه. ثمَّ إِن الفرنج صَارُوا. بمراكبهم ينظرُونَ أَحْوَال النَّاس فَلم يرَوا إِلَّا من هُوَ عَار من اللبَاس فطمعوا فيهم وزحفوا بغراب التقدمة إِلَيْهِم فَنزلت إِلَيْهِ طَائِفَة من المغاربة خَائِفين فِي المَاء ناوشوا من فِيهِ الْقِتَال وَالْحَرب و. النزال وأمسكوا الْغُرَاب بِأَيْدِيهِم وطلبوا من الزراقين النَّار ليحرقوه فَلم يَأْتِ أحد بشرارة وَذَلِكَ لقلَّة همتهم وتهاونهم وغفلتهم فاستعجلوهم بالنَّار فرموا. بمدفع فِيهِ نَار كنار الحلفاء فَوَقع فِي المَاء فانطفأ. ثمَّ إِن المغاربة وَأَصْحَاب الْغُرَاب ضربوا بَعضهم بَعْضًا بِالسُّيُوفِ إِلَى أَن قتلت المغاربة فِي تِلْكَ الْمُحَاربَة فَحِينَئِذٍ دخل الْغُرَاب السَّاحِل وَتَبعهُ آخر كَانَ يَرْمِي بِالسِّهَامِ. فَلَمَّا دخلا الْبر تَتَابَعَت الْغرْبَان داخلي من أَمَاكِن مُتَفَرِّقَة فَنزلت الفرنج سَرِيعا من مراكبها بخيلها ورجالها وَقت ضحى نَهَار يَوْم الْجُمُعَة إِلَى الْبر فرمت الخيالة الْمُسلمُونَ يقدمهم أَصْحَاب الدرق وَالسُّيُوف مشَاة على الْأَقْدَام. فَلَمَّا رَأَتْ الباعة الطَّعَام الَّذين كَانَ كل وَاحِد مِنْهُم يخَاف على الْحبَّة والحبتين ترك ماعونه وهرب حافيا بِغَيْر نَعْلَيْنِ فَمنهمْ من نجا من الْكَفَرَة وَمِنْهُم من صَارَت هامته على الأَرْض مكركرة. وَكَانَت الفرنج مسربلة بالزرد النضيد متجلية بصفائح الْحَدِيد على رُءُوسهم الخوذ اللامعة وبأيديهم السيوف القاطعة قد تنكبوا القسي المولَودة ورفعواأعلام الصلبان المنشورة. وصاروا يرْمونَ على الْمُسلمين فارتشقت سِهَامهمْ فِي أهل الْإِيمَان وَفِي خُيُول العربان فهاجت بهم تِلْكَ الْخُيُول فِي كل جِهَة وَمَكَان فَانْهَزَمُوا إِلَى نَاحيَة السُّور. فَصَارَ جَيش الْمُسلمين بهزيمة العربان مكسور وَلَا عَادوا قابلوا الفرنج الْكلاب بل دخلُوا الْبَلَد عابرين من الْأَبْوَاب. وَكَانَت الفرنج
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute