بَعضهم على زلاقة بَابه وصاروا يتشاورون فِي أمره وَكنت أَعدَدْت لنَفْسي مَكَانا أختفي فِيهِ إِن دَخَلُوهُ وَلَكِن خفت بِأَن يحرقوه فَأهْلك بالنَّار فوفقوا سَاعَة وتركوه ومضوا فَرَأى أحدهم صَبيا بالزريبة يعدو سَرِيعا حِين معاينته لَهُم فَعدى الإفرنجي فَلَمَّا أحس بِهِ الصَّبِي ووقف باهتا من الْخَوْف فَضَربهُ الإفرنجي فَالتقى الصَّبِي الضَّرْبَة بِيَدِهِ الْيُسْرَى. فطارت يَده إِلَى الأَرْض ثمَّ ضربه ضَرْبَة أُخْرَى على عانقه فَوَقع على شقَّه الْأَيْمن مُسْتَقْبل الْقبْلَة وَمضى وَتَركه. فَصَارَ الصَّبِي ينمق الذُّبَاب بِيَدِهِ الْيُمْنَى عَن وَجهه وجراحه وَهُوَ رَاقِد وَمَا أمكنني النُّزُول إِلَيْهِ من الْقصر خوفًا من رُجُوع الفرنج إِلَى الزريبة فَصَارَ الصَّبِي مطروحا بِالْأَرْضِ إِلَى أَن مَاتَ شَهِيدا رَحمَه الله. انْتهى. نعود إِلَى ذكر مَا أحرقته الفرنج أَيْضا بالإسكندرية: وَذَلِكَ أَنهم أحرقوا أَبْوَاب الْبَحْر الأولى وَالثَّانِي وأبواب الْبَاب الْأَخْضَر الثَّلَاثَة وَبَاب الخوخة والمجانيق الَّتِي كَانَت بالصناعتين الشرقية والغربية وَكَانَ أهل الْإسْكَنْدَريَّة وَقت هزيمتهم خرقوا إغربة كَانَت بالصناعة الشرقية لِئَلَّا تأخذها الفرنج فَلَمَّا رأتها الفرنج محروقة أحرقتها بالنَّار ثمَّ أحرقت الفرنج أَيْضا دَار الطّراز والديوان بعد أَن أخفوا مَا فِي دَار الطّراز من الاستعمالات الرفيعة الْأَثْمَان وأحرقوا أَيْضا قلعة ضرغام وَالْمَكَان الْمَعْرُوف بالمكدس وَكَانَ برسم الاستعمالات أَيْضا. وَكَانَت مُدَّة إِقَامَة الفرنج من حِين أَتَوا إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة وظفروا بهَا إِلَى آخر من سَافر مِنْهُم ثَمَانِيَة أَيَّام وَذَلِكَ أَنهم أتوها يَوْم الْخَمِيس حادي عشْرين الْمحرم سنة سبع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة وسافر آخِرهم يَوْم الْخَمِيس الثَّامِن وَالْعِشْرين من الشَّهْر الْمَذْكُور وَكَانَ سَبَب إقامتهم تِلْكَ الْأَيَّام لينظروا من الْبَحْر من يَأْتِي من الْبحيرَة من مصر. فَلَمَّا عاينوا وهم. بمراكبهم العساكر أَقبلت كالجراد الْمُنْتَشِر يقدمهَا الْأَمِير الأتابكي يلبغا الخاسكي سافروا. السُّلْطَان صَلَاح زين الدّين أَبُو الْجُود حاجي بن الْملك الْأَشْرَف شعْبَان بن حُسَيْن بن مُحَمَّد بن قلاون الألفي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute