الدّين مُحَمَّد بن مَنْصُور الْحَنَفِيّ عَن الْأَمِير الْكَبِير برقوق أَنه قَالَ بالتركية لمن حوله - وَهُوَ - فيهم -: إِن الْقُضَاة مَا هم. بمسلمين. فشق ذَلِك عَلَيْهِ وَركب إِلَى قَاضِي الْقُضَاة برهَان الدّين إِبْرَاهِيم بن جمَاعَة واستشاره فِي عزل نَفسه عَن الْقَضَاء وَقَالَ: قطعت عمري فِي الِاشْتِغَال بِالْعلمِ فِي دمشق ثمَّ فِي آخر عمري أنفى بِمصْر عَن الْإِسْلَام. وحدثه. بِمَا نَقله الْمُحْتَسب فِي حق الْقُضَاة عَن الْأَمِير الْكَبِير فَتغير ابْن جمَاعَة من ذَلِك تغيراً كَبِيرا وَقَامَ من فوره إِلَى الْأَمِير الْكَبِير وَأخْبرهُ الْخَبَر فَغَضب على مَحْمُود وعزله. وَهَذَا أَيْضا مِمَّا تجدّد من الْحَوَادِث القبيحة وَهُوَ أَن الْأَمِير الْكَبِير صَار يَقع فِي حق الْقُضَاة وَالْفُقَهَاء مَعَ خاصته فتضع أقدارهم عِنْد الْأُمَرَاء والمماليك بَعْدَمَا كَانُوا يرَوْنَ السُّلْطَان وأكابر الْأُمَرَاء ييالغون فِي إجلال الْقُضَاة وَالْفُقَهَاء ويرون أَن بهم عرفُوا دين الْإِسْلَام وَفِي بركتهم يعيشون. وَحسب أعظمهم قدرا أَن يقبل يَد الْفَقِيه وَالْقَاضِي فَانْقَلَبَ الْأَمر وانعكس الْحَال حَتَّى كثرت وقيعة الْأُمَرَاء والمماليك فيهم لما لُقِّنوه من الْأَمِير الْكَبِير. ثمَّ تزايد الْحَال بِحَيْثُ صَار الْفُقَهَاء والقضاة فِي أخريات الدولة الظَّاهِرِيَّة برقوق وَفِي الدولة الناصرية فرج وَمَا بعد ذَلِك ينزلون من أهل الدولة منزلَة سوء وَيتَكَلَّم فيهم أقل الغلمان وأرذل الباعة بِكُل قَبِيح عُقُوبَة من الله لَهُم لامتهانهم الْعلم وخضوعهم فِي طلب الدُّنْيَا وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه. وَفِي يَوْم الْخَمِيس خامسه: خلع على تَاج الدّين مُحَمَّد المليجي شَاهد خزانَة الْخَاص صَائِم الدَّهْر وَاسْتقر فِي حسبَة الْقَاهِرَة عوضا عَن جمال الدّين مَحْمُود العجمي. وخلع على علم الدّين يحيى وأعيد إِلَى نظر الدولة عوضا عَن ابْن الريشة وَكَانَ مَرِيضا فُحملت لَهُ الخلعة إِلَى دَاره. وخلع على الْأَمِير قرط بن عمر وأعيد إِلَى نِيَابَة الْبحيرَة. وخلع على عمر ابْن أَخِيه وأعيد إِلَى ولَايَة الْبحيرَة. وَفِيه قدم الْأَمِير يُونُس النوروزي - دوادار الْأَمِير الْكَبِير - من حلب وَقد عَادَتْ العساكر من محاربة ابْن دلغادر. وَذَلِكَ أَنهم أَقَامُوا على الأبلستين إِلَى خَامِس عشر جُمَادَى الْآخِرَة ثمَّ رحلوا عَنْهَا وَقد بَلغهُمْ نزُول خَلِيل بن دلغادر بقلعة خرت برت إِلَى جِهَة ملطية فورد عَلَيْهِم فِي أثْنَاء طريقهم كتاب الْأَمِير حسام الدّين طُرنطاي -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute