ويخوفهم بَأْس العساكر وَإِنَّهُم إِن أذعنوا وأطاعوا كَانُوا آمِنين على أنفسهم وَأَمْوَالهمْ وَمن تخلف كَانَ غنيمَة للعساكر. وَسَار حَتَّى نزل تَحت عقبَة بغراس فَعرض العساكر وَترك الثّقل وَتوجه مخفا وَجَاوَزَ عقبَة بغراس وَترك بهَا نائبي عين تَابَ وبغراس بخيالتهما ورجالهما حفظا للدربند إِلَى أَن تصل العساكر الشامية. وجد السّير إِلَى أَن نزل بَاب إسكندرونه بِجَانِب الْبَحْر وأراح الْخَلِيل يَسِيرا. وَقدم أَمَامه من أُمَرَاء الألوف بحلب دمرداش وكَشلى ليملكا جسر المصيصة قبل أَن يفْطن التركمان بوصول العساكر فيقطعونه وَلَا يُمكن جَوَازه إِلَّا بعد تَعب زايد. ثمَّ ركب فِي الثُّلُث الأول من لَيْلَة الْأَحَد خَامِس عشره وَسَار مجدا فوصل المصيصة عصر نَهَار الْأَحَد فَوجدَ الأميرين قد ملكا الجسر بعد أنْ هدم التركمان بعضه وَقَطعُوا مِنْهُ جانبا لَا يمْنَع الاجتياز وتوقدت بَينهم نَار الْحَرْب. وعدت العساكر نهر جاهان إِلَى جَانب بِلَاد سيس واقتفوا آثَار من كَانَ بِالْمصِّيصَةِ من التركمان فأدركوا بعض الْبيُوت فانتهبوها فَتعلق الرِّجَال بشعف الحبال ثمَّ حضرت قصاد التركمان - على اخْتِلَاف طوائفهم - يسْأَلُون الْأمان فَأجَاب الْأَمِير يلبغا الناصري سُؤَالهمْ وَكتب لَهُم أَمَانًا. وَلما أحس الصارم بن رَمَضَان بالعساكر ترك أذنة وفر إِلَى الْجبَال الَّتِي لَا تسلك. ووصلت الأطلاب والثقل إِلَى المصيصة فِي سَابِع عشره فَقدم من الْغَد ثامن عشره قَاصد الْأَمِير طَشبُغا الْعزي - نَائِب سيس - بِخَبَر وُصُول ابْن رَمَضَان إِلَى أَطْرَاف الْبِلَاد السيسية وَأَنه ركب فِي أَثَره وَمَعَهُ طَائِفَة من التركمان القرمانيين فأدركوا بيوته فانتهبوها وأمسكوا أَوْلَاده وحريمه وَنَجَا بِنَفسِهِ وَلحق بالتركمان البياضية مستجيرا بهم فأجمعت الآراء على التَّوَجُّه بالعساكر إِلَى جهتهم وإمساكه. فَقدم الْخَبَر من نَائِب سيس فِي أخر النَّهَار بِأَنَّهُ اسْتمرّ فِي طلب ابْن رَمَضَان إِلَى أَن أدْركهُ وأمسكه وَأمْسك مَعَه أَخَاهُ قرا مُحَمَّد وَأَوْلَاده وَأمه وجماعته وَعَاد إِلَى سيس فسرت العساكر بذلك سُرُورًا زَائِدا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute