للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَتَّى وصل إِلَى دمشق وَبهَا يَوْمئِذٍ الْأَمِير جَنتمُر أَخُو طاز فَقَالَ لَهُ: قد كسرنا برقوق وَفِي غَد يقدم الْملك الْمَنْصُور فَاخْرُج إِلَى ملاقاته. فَمشى ذَلِك عَلَيْهِ واستعد وَخرج فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ خَامِس عشره والأمير منطاش وَمن مَعَه. وَأما الظَّاهِر وَأَصْحَابه فَإِن الْأَمِير كُمشبغا نَائِب حلب كَانَ مِمَّن انهزم على شَقْحب فتم فِي الْهَزِيمَة إِلَى حلب وَتَبعهُ الْأَمِير حسام الدّين حسن الكجكني نَائِب الكرك وَمن بقى من عَسَاكِر حلب فاستولى عَلَيْهَا وَانْهَزَمَ أهل الكرك إِلَيْهَا فَلم يصلوا حَتَّى مرت بهم شَدَائِد. وَلم يتَأَخَّر مَعَ الظَّاهِر إِلَّا نَحْو الثَّلَاثِينَ وَقد تمزقت عساكره وعساكر مصر فَلم يقْصد إِلَّا الْمَنْصُور فَأَخذه بِمن مَعَه وجرح قَاضِي الْقُضَاة بدر الدّين مُحَمَّد بن أَبى الْبَقَاء الشَّافِعِي وقاضي الْقُضَاة شمس الدّين مُحَمَّد بن الطرابلسي الْحَنَفِيّ. وسلب النِّهَايَة جَمِيع الْقُضَاة والمتعممين مَا عدا قَاضِي الْقُضَاة نَاصِر الدّين نصر الله الْحَنْبَلِيّ فَإِنَّهُ كَانَ لم يركب وَقت الْحَرْب فَسلم من النهب هُوَ وَولده برهَان الدّين إِبْرَاهِيم. وَقتل خلق كثير. وَمضى بدر الدّين مُحَمَّد بن فضل الله كَاتب السِّرّ وَأَخُوهُ عز الدّين حَمْزَة وجمال الدّين مَحْمُود نَاظر الْجَيْش وشمس الدّين مُحَمَّد بن الصاحب موقع الْإِنْشَاء وتاج الدّين عبد الرَّحِيم - ابْن الْوَزير فَخر الدّين بن أَبى شَاكر صَاحب ديوَان منطاش فِي طَائِفَة كَبِيرَة إِلَى دمشق. ووقف الظَّاهِر تَحت العصائب السُّلْطَانِيَّة والمنصور والخليفة بجانبيه فتلاحق بِهِ عدَّة من أَصْحَابه. وَبَات ليلته على ظهر فرسه. ووكل بالمنصور والخليفة من يحفظهما وَهُوَ فِي قتل من خَالفه وَلم من غَابَ من أَصْحَابه أَو أطاعه من عَسْكَر مصر حَتَّى أصبح فِي نَهَار يَوْم الِاثْنَيْنِ وَقد صَار فِي عَسْكَر كثيف. وَأَقْبل منطاش فِي عَالم كَبِير من عوام دمشق وعساكرها وَمن كَانَ مَعَه فدارت بَينه وَبَين الظَّاهِر فِي هَذَا الْيَوْم مُنْذُ شروق الشَّمْس إِلَى آخِره حروب لم يعْهَد بِمصْر وَالشَّام فِي هَذِه الأعصر مثلهَا وَبعث الله ريحًا ومطراً فِي وَجه منطاش وَمن مَعَه فَكَانَت من أكبر أَسبَاب خذلانه. وَلم تغرب الشَّمْس حَتَّى فني من الْفَرِيقَيْنِ خلق كثير من الفرسان والعامة. وَانْهَزَمَ منطاش إِلَى دمشق. وَعَاد الظَّاهِر إِلَى مَنْزِلَته فَأَقَامَ بهَا سَبْعَة أَيَّام. وعزت عِنْده الأقوات حَتَّى أبيعت البشماطة بِخَمْسَة دَرَاهِم فضَّة وأبيع الْفرس بِعشْرين درهما والجمل بِعشْرَة دَرَاهِم لِكَثْرَة الدَّوَابّ وَقلة الْعلف. ثمَّ طُلب من يَشْتَرِي الْجمال فَلم يُوجد وغنم أَصْحَاب الظَّاهِر أَمْوَالًا جزيلة اسْتغنى بِهِ مِنْهُم عدَّة بعد فَقرهمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>