وَفِي أثْنَاء إِقَامَته أَمر الظَّاهِر فَجمع كل من مَعَه من الْأَعْيَان وَأشْهد على الْمَنْصُور حاجي أَنه خلع نَفسه وَحكم بِتِلْكَ الْقُضَاة. ثمَّ بُويِعَ الظَّاهِر وَأثبت الْقُضَاة بيعَته. فولى الظَّاهِر الْأَمِير فَخر الدّين إِيَاس الجرجاوي نِيَابَة صفد والأمير سيف الدّين قديد القَمطاي الكرك والأمير عَلَاء الدّين أقبغا الصَّغِير غَزَّة. ورحل الظَّاهِر فَأَتَاهُ عِنْد رحيله منطاش بعسكر الشَّام ووقف على بعد فاستعد الظَّاهِر إِلَى لِقَائِه فولى عَنهُ وَعَاد إِلَى دمشق. وَسَار الْملك الظَّاهِر عَن مَعَه يُرِيد ديار مصر وَبعث إِلَى غَزَّة يَأْمر مَنْصُور الْحَاجِب بِالْقَبْضِ على حسام الدّين حسن بن باكيش فَقبض عَلَيْهِ وَاسْتولى على غَزَّة. وَبعث بِابْن باكيش إِلَى السُّلْطَان الظَّاهِر برقوق فَضَربهُ بالمقارع وَهُوَ بالرملة. وَسَار الظَّاهِر إِلَى غَزَّة فَضَربهُ بهَا ضربا مبرحاً يَوْم دَخلهَا مستهل صفر. وَأما أَمر ديار مصر فَإِنَّهُ أشيع كسرة الظَّاهِر لمنطاش فِي رَابِع عشر الْمحرم يَوْم الْوَقْعَة. وَفِيه اسْتَقر الْأَمِير نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن الحسام أستادار الْأَمِير منطاش قَرَّرَهُ فِي ذَلِك الْأَمِير صراي تمر وخلع عَلَيْهِ. وَفِي خَامِس عشره: أفرج عَن الْأَمِير نَاصِر الدّين نَاصِر البدري وصُراي تمُر الشرفي وبييرس ابْن أُخْت الظَّاهِر فِي جمَاعَة أخر. وَفِيه قدم من الفيوم محْضر - يُقَال إِنَّه مفتَعل - بِأَن حَائِطا سقط على الْأُمَرَاء المحبوسين بالفيوم فَقَتلهُمْ وهم: تمُر باي الحسني وقرابغا الأبو بكري وطغاي تمر الجركتمري وَيُونُس الأسعردي وقازان السيفي وتنكز العثماني وأردبغا العثماني وَعِيسَى التركماني. وَفِي ثَانِي عشرينه: قدم الْمحمل والحاج وَكَانُوا ركباً وَاحِدًا. وَفِي خَامِس عشرينه: قدم سواق بكتب مزورة تَتَضَمَّن أَن الْملك الْمَنْصُور ملك دمشق وفر الظَّاهِر فدقت البشائر ثَلَاثَة أَيَّام وَعمل الْأَمِير حُسَيْن بن الكوراني وَلِيمَة عَظِيمَة وَأظْهر فَرحا زَائِدا فَلم يمش هَذَا على أَكثر النَّاس. وَفِي ثامن عشرينه: كثرت الإشاعات بكسرة منطاش واستيلاء الظَّاهِر على الْمَنْصُور والخليفة وَأَنه مُتَوَجّه إِلَى الْقَاهِرَة. وَفِي يَوْم الْأَرْبَعَاء أول صفر: قدم الْبَرِيد من غَزَّة وعَلى يَده كتاب مفتعل بِدُخُول الْمَنْصُور دمشق وهرب الظَّاهِر. هَذَا والفتنة قَائِمَة بَين الْأَمِير صُراي تمُر نَائِب الْغَيْبَة وَبَين الْأَمِير تكا الْمُقِيم بالقلعة وكل مِنْهُمَا ينافس الآخر ويحترز مِنْهُ حَتَّى اشْتهر هَذَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute