بَغْدَاد فَلبس الخلعة وَضرب الصكة. ثمَّ أَن تيمور مَلَكَ بَغْدَاد فِي يَوْم السبت حادي عشرينه وَذَلِكَ أَن ابْن أويس كَانَ قد أسرف فِي قتل أُمَرَاء دولته وَبَالغ فِي ظلم رَعيته وانهمك فِي الْفُجُور فكاتب أهل بَغْدَاد تيمور بعد استيلائه على تبريز يحثونه على الْمسير إِلَيْهِم فَتوجه إِلَيْهَا بعساكره حَتَّى بلغ الدربند وَهُوَ عَن بَغْدَاد مسيرَة يَوْمَيْنِ. فَبعث إِلَيْهِ ابْن أويس بالشيخ نور الدّين الْخُرَاسَانِي فَأكْرمه تيمور وَقَالَ: أَنا أترك بَغْدَاد لِأَجلِك. ورحل يُرِيد السُّلْطَانِيَّة فَبعث الشَّيْخ نور الدّين كتبه بالبشارة إِلَى بَغْدَاد وَقدم فِي إثْرهَا. وَكَانَ تيمور قد سَار يُرِيد بَغْدَاد من طَرِيق أخر فَلم يشْعر ابْن أويس - وَقد اطْمَأَن - إِلَّا تيمور قد نزل غربي بَغْدَاد قبل أَن يصل إِلَيْهَا الشَّيْخ نور الدّين فدهش عِنْد ذَلِك ابْن أويس وَأمر بِقطع الجسر ورحل بأمواله وَأَوْلَاده وَقت السحر من لَيْلَة السبت الْمَذْكُور. وَترك الْبِلَاد فَدخل إِلَيْهَا تيمور وَأرْسل ابْنه فِي إِثْر ابْن أويس فأدركه بالحلة وَنهب مَاله وسبى حريمه وَقتل وَأسر كثيرا مِمَّن مَعَه. وَنَجَا ابْن أويس فِي طَائِفَة وهم عُرَاة. فقصد حلب وتلاحق بِهِ من تبقى من أَصْحَابه. وَفِي عَشِيَّة يَوْم الْجُمُعَة. عشرينه - وَهُوَ أول توت -: أمْطرت السَّمَاء بِالْقَاهِرَةِ مَطَرا غزيراً حَتَّى خَاضَ النَّاس فِي الْمِيَاه وَهَذَا من غَرِيب مَا يحْكى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute