وَفِي آخِره أبيع الرَّغِيف بِثمن دِرْهَم زنته سبع أواقي. وَفِيه أَيْضا: تزايد الِاخْتِلَاف بَين الْأُمَرَاء والخاصكية وَكثر نفور الخاصكية من الْأَمِير أيتمش وظنوا بِهِ وبالأمراء أَنهم قد مالوا إِلَى نَائِب الشَّام. وَاتَّفَقُوا مَعَه على إفناء المماليك بِالْقَتْلِ وَالنَّفْي فتخيل الْأُمَرَاء مِنْهُم واشتدت الوحشة بَين الطَّائِفَتَيْنِ. وَتعين من الخاصكية سودون طاز وسودون بن زَاده وجركس المصارع ووافقوا الْأَمِير يشبك فصاروا فِي عصبَة قَوِيَّة وشوكة شَدِيدَة وَشرع كل من الْأُمَرَاء والخاصكية فِي التَّدْبِير وَالْعَمَل على الآخر. وَأما أَمر الْأَمِير تنم نَائِب الشَّام فَإِنَّهُ لما عَاد إِلَيْهِ مَمْلُوك سونج بغا من مصر فِي ثَالِث عشر الْمحرم وَمَعَهُ مرسوم شرِيف بتفويض أُمُور الْبِلَاد الشامية إِلَيْهِ وَأَن يُطلق من شَاءَ من الْأُمَرَاء المحبوسين. أطلق الْأَمِير جلبان من قلعة دمشق فِي لَيْلَة الْجُمُعَة رَابِع عشرينه وَأطلق الْأَمِير أزدمر أَخا أينال وَمُحَمّد بن أينال من طرابلس واحضرهما إِلَى دمشق. وَبعث إِلَى نواب الْبِلَاد يَدعُوهُم إِلَى الْقيام مَعَه فَأَجَابَهُ يُونُس الرماح نَائِب طرابلس وألطبغا العثماني نَائِب صفد وأقبغا الأطروش نَائِب حلب. وَامْتنع من إجَابَته الْأَمِير دمرداش المحمدي نَائِب حماة. وَبعث تنم إِلَى نَائِب طرابلس أَن يُجهز شينيا إِلَى ثغر دمياط ليحمل فِيهِ الْأَمِير نوروز الحافظي وَغَيره من الْأُمَرَاء المسجونين. فبادر نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن بهادر المؤمني فتسلم برج الْأَمِير الْكَبِير أيتمش بطرابلس وَركب الْبَحْر إِلَى دمياط وَقدم إِلَى قلعة الْجَبَل وَأخْبر بذلك. فَكتب على يَده عدَّة كتب ملطفات إِلَى الْأَمِير قرمش حَاجِب طرابلس وَغَيره من الْقُضَاة والأعيان بِأَن قرمش الْحَاجِب يثب على يُونُس الرماح نَائِب طرابلس ويقتله ويلي مَكَانَهُ فَسَار بذلك. وَاتفقَ أَن يُونُس الرماح قبض على قرمش الْحَاجِب وَقَتله قبل وُصُول ابْن بهادر. واستدعي نَائِب الشَّام بالأمير عَلَاء الدّين على بن الطبلاوي وأقامه متحدثاً فِي أُمُور الدولة كَمَا كَانَ بديار مصر وَسلم إِلَيْهِ شهَاب الدّين أَحْمد بن خَاص ترك شاد الدَّوَاوِين فِي ثامن صفر هَذَا فَأخذ مِنْهُ مَا جمعه من الْأَمْوَال السُّلْطَانِيَّة. ثمَّ إِنَّه حلف الْأُمَرَاء فِي ثَانِي عشره على أَن يَكُونُوا مَعَه وتأهب للمسير إِلَى حلب وَأخذ ابْن الطبلاوي فِي طلب أَرْبَاب الْأَمْوَال بِدِمَشْق وَطرح عَلَيْهِم السكر الْحَاصِل من الأغوار فضر النَّاس كلهم بِحَيْثُ أَنه طرح ذَلِك على الْفُقَهَاء ونقباء الْقُضَاة وَأهل الغوطة. فَتَنَكَّرت الْقُلُوب على النَّائِب بِهَذَا السَّبَب وَكثر الدُّعَاء عَلَيْهِ. وَأظْهر الْأَمِير جنتمر نَائِب حمص الْخلاف على تنم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute