للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

حماة وألطنبغا العثماني نَائِب صفد وَعمر بن الطَّحَّان نَائِب غَزَّة بعساكرها فَاجْتمع مِنْهُم بحلب نَحْو ثَلَاثَة آلَاف فَارس مِنْهُم عَسْكَر دمشق ثَمَانمِائَة فَارس إِلَّا أَن الْأَهْوَاء مُخْتَلفَة والآراء مفلولة والعزائم محلولة وَالْأَمر مُدبر. فَبلغ رَسُول تمرلنك الرسَالَة دمرداش فَأنْكر مسك سودن نَائِب دمشق. فَقَالَ لَهُ الرَّسُول إِن الْأَمِير - يَعْنِي تمرلنك - لم يَأْتِ إِلَّا بمكاتبتك إِلَيْهِ وَأَنت تستدعيه أَن ينزل على حلب وأعلمته أَن الْبِلَاد لَيْسَ بهَا أحد يدْفع عَنْهَا. فحنق مِنْهُ دمرداش وَقَامَ إِلَيْهِ وضربه ثمَّ أَمر بِهِ فَضربت رقبته. وَيُقَال أَن كَلَام هَذَا الرَّسُول كَانَ من تنميق تمرلنك ومكره ليغرق بذلك بَين العساكر. وَنزل تمر على جبلان خَارج حلب يَوْم الْخَمِيس تَاسِع ربيع الأول. وزحف يَوْم الْجُمُعَة وأحاط بسور حلب وَكَانَت بَين الحلبيين وَبَينه فِي هذَيْن الْيَوْمَيْنِ حروب. فَلَمَّا أشرقت الشَّمْس يَوْم السبت حادي عشره خرجت نواب الشَّام بالعساكر وَعَامة أهل حلب إِلَى ظَاهر الْمَدِينَة وعبوا لِلْقِتَالِ. ووقف سودن نَائِب دمشق فِي الميمنة ودمرداش فِي الميسرة وَبَقِيَّة النواب فِي الْقلب وَقدمُوا أمامهم عَامَّة أهل حلب. فزحف تمرلنك بجيوش قد سدت الفضاء فَثَبت الْأَمِير شيخ نَائِب طرابلس وَقَاتل - هُوَ وسودن نَائِب دمشق - قتالاً عَظِيما وبرز الْأَمِير عز الدّين أزدمر أَخُو أينال اليوسفي وَولده يشبك ابْن أزدمر فِي عدَّة من الفرسان وأبلوا بلَاء عَظِيما. وَظهر عَن أزدمر وَولده من الْإِقْدَام مَا تعجب مِنْهُ كل أحد وقاتلا قتالاً عَظِيما فَقتل أزدمر وفقد خَبره وثخنت جراحات يشبك وَصَارَ فِي رَأسه فَقَط زِيَادَة على ثَلَاثِينَ ضَرْبَة بِالسَّيْفِ سوى مَا فِي بدنه فَسقط بَين الْقَتْلَى ثمَّ أَخذ وَحمل إِلَى تمرلنك. وَلم يمض غير سَاعَة حَتَّى ولت العساكر تُرِيدُ الْمَدِينَة وَركب أَصْحَاب تمر أقفيتهم فَهَلَك تَحت حوافر الْخَيل من النَّاس عدد لَا يدْخل تَحت حصر فَإِن أهل حلب خَرجُوا حَتَّى النِّسَاء وَالصبيان وازدحم النَّاس مَعَ ذَلِك فِي دُخُولهمْ من أَبْوَاب الْمَدِينَة وداس بَعضهم بَعْضًا حَتَّى صَارَت الرمم طول قامة وَالنَّاس تمشي من فَوْقهَا. وَتعلق نواب المماليك بقلعة حلب وَدخل مَعَهم كثير من النَّاس وَكَانُوا قبل ذَلِك قد نقلوا إِلَى القلعة سَائِر أَمْوَال النَّاس بحلب. واقتحمت عَسَاكِر تمرلنك الْمَدِينَة وأشعلوا بهَا النيرَان وجالوا بهَا ينهبون وَيَأْسِرُونَ وَيقْتلُونَ. وَاجْتمعَ بالجامع وَبَقِيَّة الْمَسَاجِد نسَاء

<<  <  ج: ص:  >  >>