للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَحج بِالنَّاسِ من مصر فِي هَذِه السّنة الْأَمِير الطواشي فَارس الدّين شاهين الحسني. وَأخذت فِي هَذِه السّنة مَدِينَة أشقيرة من بِلَاد الأندلس وَذَلِكَ أَن الطاغية صَاحب قشتالة لما أوقع بِالْمُسْلِمين فِي الزقاق كثرت غاراته فِي بِلَاد الْمُسلمين بالأندلس وَكَثُرت غاراتهم أَيْضا على بِلَاد قشتالة وَكَانَ ألفنت قد قَامَ بِأَمْر أَخِيه دون وَكَانَ عَارِفًا بالحروب والمكايد شجاعاً درياً شَدِيد الْبَأْس فَجمع لِحَرْب الْمُسلمين وَنزل على أنتقيرة - تجاه مالقة - أول ذِي الْحجَّة فَلم يستنجد أَبُو الْحجَّاج يُوسُف بن يُوسُف بن مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن نصر بن الْأَحْمَر - صَاحب غرناطة - عَسَاكِر فاس كَمَا هِيَ الْعَادة بل رأى أَن فِي عسكره كِفَايَة وجهز أَخَوَيْهِ مُحَمَّد وعلياً على عَسْكَر الأندلس وَقد جمع أهل الْقرى بأسرها وَخَرجُوا من غرناطة فِي ثامن عشر ذِي الْحجَّة سنة اثْنَتَيْ عشرَة وَثَمَانمِائَة ونزلوا على حصن أرشذونة - وَهُوَ على سِتَّة أَمْيَال من أنتقيرة - حَتَّى تكاملت الجموع فِي ثامن عشرينه ثمَّ سَارُوا فِي لَيْلَة التَّاسِع وَالْعِشْرين وعسكروا تجاه الْعَدو بسفح جبل المدرج فَمَا اسْتَقَرَّتْ وَقد أعجبتهم أنفسهم بهم الدَّار حَتَّى زحف الْعَدو لحربهم فثاروا لقتاله وَقد أعجبتهم أنفسهم واغتروا بكثرتهم وتباهوا بزينتهم وَلم يراقبوا الله فِي أَمرهم فَمَا أحد إِلَّا وَمَعَهُ نوع من الْمعاصِي كَالْخمرِ والأحداث حَتَّى لقد أَخْبرنِي من شهد الوقيعة انه سمع عَالم الأندلس - أَبَا يحيى بن عَاصِم - يَقُول: مَا أَظن إِلَّا أَنا مخذولون. فَلَمَّا اشْتَدَّ الْقِتَال فِي اللَّيْل انهزم الْعَدو بعد مَا قتل من الْمُسلمين عشرَة فرسَان وَلما كَانَ أول يَوْم من محرم سنة ثَلَاث عشرَة نَادَى أَخُو السُّلْطَان فِي الْعَسْكَر بالنقة وَكَانَت نَفَقَة السّفر قد أخرت عَن وَقتهَا لِئَلَّا يَأْخُذهَا الْعَسْكَر وَلَا يشْهدُوا الْحَرْب وَجعلت عِنْد حُضُور الْجِهَاد فهم فِي أَخذ النَّفَقَة وَإِذا بالعدو وَقد أقبل عِنْد طُلُوع الشَّمْس فَخرجت المطوعة وقاتلتهم وَأقَام الْعَسْكَر بأجمعهم لأخذ النَّفَقَة وَعلم الْعَدو بذلك فَرَجَعُوا كَأَنَّهُمْ منهزمين والمطوعة تتبعهم. وتنادي فِي الْعَسْكَر: يَا أكالين الْحَرَام الْعَامَّة فَلَمَّا وصل الْعَدو إِلَى معسكرهم وقفُوا للحرب وَقد اجْتمع جَمِيع رجالة الْمُسلمين

<<  <  ج: ص:  >  >>