للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

طَمَعا فِي الْغَنِيمَة فَإِذا الْعَدو وَقد خَنْدَق على مُعَسْكَره ورتب عَلَيْهِ الرُّمَاة فَسقط فِي أَيْديهم ووقفوا إِلَى الظّهْر فِي حيرة فَخرج أُمَرَاء الطاغية عِنْد ذَلِك من جَوَانِب الخَنْدَق وحملوا على الْمُسلمين فَقتلُوا من قَاتلهم وأسروا من ألْقى مِنْهُم سلاحه حَتَّى وصلوا مخيم الْمُسلمين فَركب طَائِفَة من بني مرين وَبني عبد الواد وقاتلوا على أَطْرَاف خيمهم قَلِيلا وانهزموا هم وَجَمِيع أهل الأندلس بِحَيْثُ خرج أخوا السُّلْطَان بِمن مَعَهُمَا مشَاة إِلَى الْجَبَل على أَقْدَامهم فأحاط الْعَدو بِجَمِيعِ مَا كَانَ مَعَهم وَأَكْثرُوا من الْقَتْل فيهم. وَكَانَت عدَّة من قتل من المعروفين من أهل غرناطة خَاصَّة مائَة ألف إِنْسَان سوى من لم يعرف وَسوى أهل أقطار الأندلس بحرها وبرها سهلها وجبلها فَإِنَّهُم عَالم لَا يُحْصِيه إِلَّا الله تَعَالَى. وَاسْتشْهدَ أَبُو يحيى بن عَاصِم فِي عدَّة من الْفُقَهَاء. وَأقَام النَّصَارَى ثَلَاثَة أَيَّام يتتبعون الْمُسلمين فيقتلون وَيَأْسِرُونَ. وَبعث الطاغية إِلَى أَعماله يُخْبِرهُمْ بنصرته. فَلَمَّا بلغ ذَلِك أهل أبده وسبته وَأهل حَيَّان خَرجُوا إِلَى وَادي أش - وَهُوَ بيد الْمُسلمين - ولزلوا قَرِيبا من حصن أرتنة فاستغاث أهل الْحصن بِأَهْل غرناطة فأمدوهم بعسكر فَصَارَ النَّصَارَى إِلَى حصن مشافر وقاتلوا أَهله حَتَّى أخذُوا الربض وشرعوا فِي تَعْلِيق الْحصن. وَإِذا بعسكر غرناطة قد جَاءَهُم فِي سَابِع الْمحرم فأوقعوا بهم وقيعة شنعاء أفنوهم فِيهَا وأسروا مِنْهُم زِيَادَة على ألف وَخَمْسمِائة وعادوا إِلَى غرناطة بهم فَدَخَلُوا فِي تاسعه وَبلغ ذَلِك الطاغية - وَهُوَ على حِصَار أنتقيرة - فَكف أَصْحَابه عَن الدُّخُول بعْدهَا إِلَى بِلَاد الْمُسلمين وَأقَام على الْحصار سِتَّة أشهر حَتَّى ضعفت أَحْوَال الْمُسلمين بأنتقيرة وَرفعُوا كرائم أَمْوَالهم إِلَى حصنها وتعلقوا بِهِ فَملك الطاغية الْمَدِينَة بِمَا فِيهَا من الأزواد والأمتعة. وَوَقع مَعَ هَذَا فِي الْمُسلمين الوخم فَمَاتَ مِنْهُم جمَاعَة كَثِيرَة فاضطرهم الْحَال إِلَى طلب الْأمان ليلحقوا بِبِلَاد الْمُسلمين بِأَمْوَالِهِمْ فَأَمنَهُمْ ألفنت على أَن يخرجُوا بِمَا يُطِيقُونَ حمله فَخَرجُوا بأجمعهم إِلَى مُعَسْكَره فوفي لَهُم حَتَّى أَن بعض البطارقة من أكَابِر أمرائه أَخذ بِنْتا جميلَة وخلا بهَا يَوْمه كُله ثمَّ خلى سَبِيلهَا. فوقفت بهَا أمهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>