وَفِي يَوْم الْأَحَد تَاسِع عشره: ارتحل الْأُمَرَاء عَن قبَّة يلبغا ونزلوا غربي الْبَلَد من جِهَة الميدان ووقفوا من جِهَة القلعة إِلَى خَارج الْبَلَد فتراموا عَامَّة نهارهم بالنشاب والنفط فَاحْتَرَقَ مَا عِنْد فَلَمَّا كَانَ الْغَد يَوْم الِاثْنَيْنِ عشرينه: اجْتَمعُوا للحصار فوقفوا شَرْقي الْبَلَد وقبليه ثمَّ كروا رَاجِعين فنزلوا نَاحيَة القنوات إِلَى يَوْم الْأَرْبَعَاء ثَانِي عشرينه. فَوَقع الْقِتَال فِي نَاحيَة شَرْقي الْبَلَد وَنزل الْأَمِير نوروز بدار الطّعْم وامتدت أَصْحَابه إِلَى العقيبة وَأخذ طَائِفَة الصالحية والمزة وَنزل الْأَمِير شيخ بدار الْأَمِير غرس الدّين خَلِيل الأستادار - تجاه جَامع كريم الدّين بِطرف القبيبات - وَمَعَهُ الْخَلِيفَة وَكَاتب السِّرّ وجماعته ورفقته. وَنزل الْأَمِير بكتمر شلق والأمير قرقماس ابْن أخي دمرداش فِي جمَاعَة من جِهَة بُسْتَان معِين الدّين وَمنعُوا الْميرَة عَن النَّاصِر وَقَطعُوا نهري دمشق ففقد المَاء من الْبَلَد وتعطلت الحمامات وغلقت الْأَسْوَاق. وَاشْتَدَّ الْأَمر على أهل دمشق وترامي الْأُمَرَاء بالنشاب واقتتلوا قتالاً شَدِيدا احْتَرَقَ فِيهِ عدَّة حوانيت وَغَيرهَا. وَكَثُرت الْجِرَاحَات فِي أَصْحَابه الْأُمَرَاء وَذَلِكَ أَن رميهم يَقع فِي أَحْجَار السُّور وَرمي السُّلْطَان دَائِما يَقع فيهم فينكيهم. وَفِي آخر هَذَا الْيَوْم: بعث الْأَمِير شيخ إِلَى شهَاب الدّين أَحْمد بن الحسباني وشهاب الدّين أَحْمد الباعون وقاضي الْقُضَاة نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن العديم - وَكَانَ قد انْقَطع بالشبلية لمَرض بِهِ - فَلم يدْخل إِلَى جَامع بني أُميَّة مَعَ رفاقه قُضَاة مصر فأحضر الثَّلَاثَة وأنزلهم عِنْده. وَفِيه أَيْضا لحق بالأمير شيخ نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن الْبَارِزِيّ الْحَمَوِيّ وَصدر الدّين عَليّ بن الْآدَمِيّ فتأنس بهما وأخذا فِي تَعْرِيفه بِأَمْر الْبَلَد ومواضع العورات مِنْهَا وَنَحْو ذَلِك مِمَّا يتَقرَّب بِهِ إِلَيْهِ. فَلَمَّا بلغ السُّلْطَان ذَلِك استدعى محب الدّين مُحَمَّد بن الشّحْنَة الْحلَبِي وخلع عَلَيْهِ وولاه قَضَاء الْقُضَاة الْحَنَفِيَّة بديار مصر عوضا عَن نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن العديم فِي يَوْم الْخَمِيس ثَالِث عشرينه. وَفِي يَوْم الْجُمُعَة رَابِع عشرينه: أحضر الْأَمِير شيخ إِلَى بَين يَدَيْهِ الْأَمِير بلاط آقشق
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute