للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الناصري وَحضر إِلَيْهِ الْأَعْيَان. فَقَرَأَ عَلَيْهِم كتاب أَمِير الْمُؤمنِينَ إِلَيْهِ بِأَن العساكر المصرية والشامية قد اتّفقت على إِقَامَته وَبَايَعُوهُ وحلفوا لَهُ. وَأَنه قد خلع النَّاصِر فرج من الْملك لما ظهر مِنْهُ وَثَبت عَلَيْهِ بِمُقْتَضى محْضر شهد فِيهِ خَمْسمِائَة نفس بقوادح فِي الدّين توجب إِرَاقَة الدَّم. وَيَأْمُر فِي كِتَابه أَن يُنَادي فِي الْقَاهِرَة ومصر: لَا سُلْطَان إِلَّا الْخَلِيفَة وَأَنه قد أبطل المكوس والمظالم وَأخذ البراطيل وَرمى البضائع على التُّجَّار وَأَن يَأْمر الخطباء بِقطع اسْم النَّاصِر من الْخطب وَإِقَامَة اسْم أَمِير الْمُؤمنِينَ بمفرده. فَلم يتَمَكَّن الْأَمِير يلبغا الناصري من ذَلِك خوفًا من أسنبغا الزردكاش فَإِنَّهُ كَانَ قد امتعض النَّاصِر وعزم على أَخذ كزل هَذَا فسبقه الْأَمِير يلبغا وأنزله. هَذَا والكتب من النَّاصِر تَأتي مَعَ السعاة إِلَى أسنبغا بِأَنَّهُ مَحْصُور بقلعة دمشق فيهم بِأُمُور من الشَّرّ فيوسوسه الْأَمِير يلبغا الناصري ويتلطف بِهِ حَتَّى يكف عَن ذَلِك. وَفِي هَذَا الْيَوْم: بلغ الْأَمِير شيخ أَن النَّاصِر قد عزم على إحراق نَاحيَة قصر حجاج حَتَّى تصير فضاء ثمَّ يركب بِنَفسِهِ ويواقع الْقَوْم هُنَاكَ. فبادر وَركب بعد صَلَاة الْجُمُعَة بأمير الْمُؤمنِينَ وَجَمِيع من مَعَه وَسَار من طرف القبيبات حَيْثُ كَانَ منزله. وَنزل بِأَرْض الثابتية وَقَاتل من بالقلعة فَاشْتَدَّ الْقِتَال إِلَى أَن مضى من اللَّيْل جَانب وَكثر الرَّمْي بالنفط وَغَيره فَاحْتَرَقَ سوق خَان السُّلْطَان وَمَا حوله. وَحمل السُّلْطَانِيَّة على الشيخية حَملَة مُنكرَة هزموهم فَتَفَرَّقُوا شذر مدر. وَثَبت الْأَمِير شيخ فِي حماته بَعْدَمَا وصل إِلَى قريب الشويكة ثمَّ حمل بِنَفسِهِ - هُوَ وَمن مَعَه - حَملَة وَاحِدَة ملك فِيهَا القنوات ففر من كَانَ هُنَاكَ من التراكمين الرُّمَاة. وَكَانَ الْأَمِير دمرداش منزله عِنْد بَاب الميدان تجاه القلعة فَلَمَّا بلغه ذَلِك أَتَى إِلَى السُّلْطَان وَهُوَ جَالس تَحت قبَّة فَوق بَاب النَّصْر فَسَأَلَهُ أَن ينْدب مَعَه طَائِفَة كَبِيرَة من المماليك ليتوجه بهم إِلَى الْأَمِير شيخ فَإِنَّهُ قد وصل إِلَى طرف القنوات وَسَهل أَخذه فَنَادَى السُّلْطَان من هُنَاكَ من العساكر وَأمرهمْ بذلك فَلم يجبهُ مِنْهُم أحد فَلَمَّا كرر الْأَمر بِهِ. أَجَابَهُ بَعضهم جَوَابا فِيهِ جفَاء. وبينما هم فِي ذَلِك إِذْ اختبط الْعَسْكَر وَوَقع الصَّوْت فيهم: قد كبسكم الْأَمِير نوروز. فتسارعوا بأجمعهم وعبروا من بَاب النَّصْر إِلَى الْمَدِينَة وَتَفَرَّقُوا فِي خرائبها بِحَيْثُ لم يبْق مِنْهُم أحد بَين يَدي السُّلْطَان فولى الْأَمِير دمرداش عَائِدًا إِلَى مَوْضِعه. وَقد

<<  <  ج: ص:  >  >>