للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ملك الْأَمِير شيخ الميدان والإسطبل فَبعث دمرداش إِلَى السُّلْطَان بِأَن الْأَمر قد فَاتَ والرأي أَن تلْحق بحلب. فَقَامَ عِنْد ذَلِك من مَجْلِسه وَترك الشمعة تتقد حَتَّى لَا يَقع الطمع بِأَنَّهُ قد ولي ويوهم النَّاس أَنه ثَابت. ثمَّ دخل إِلَى حرمه وجهز مَاله فَلم يخرج حَتَّى مضى أَكثر اللَّيْل. وَتوجه دمرداش نَحْو حلب وخامر الْأَمِير سنقر. وَجَاء إِلَى الْأَمِير شيخ فَإِذا الطبول قد بَطل دقها وَالرُّمَاة قد فروا. وَكَانَ قد تقرر من النَّهَار بِأَن يدس بعض من استماله فتح الله من أَصْحَاب النَّاصِر نَاسا يقومُونَ فِي اللَّيْل يَقُولُونَ من فَوق الأسوار: نصر الله أَمِير الْمُؤمنِينَ. فَمَا هُوَ إِلَّا أَن قَالُوا ذَلِك تفرق الرُّمَاة من فَوق الأسوار وعندما خرج النَّاصِر من دَاره أَمر بخيوله فَحملت المَال ليسير إِلَى حلب عَارضه الْأَمِير أرغون أَمِير أخور وَغَيره ورغبه فِي الْإِقَامَة: وَأَن الْجَمَاعَة مماليك أَبِيك لَا يوصلون إِلَيْك سوءا وَنَحْو ذَلِك حَتَّى طلع الْفجْر فَركب فرسه وَدَار على السُّور فَلم يجد أحدا مِمَّن أعده للرمي فَعَاد والتجأ إِلَى القلعة. وَأَقْبل الْأَمِير شيخ نَحْو بَاب النَّصْر وَركب نوروز إِلَى جِهَة بَاب أتوما ونصبت السلالم حَتَّى فتح بَاب النَّصْر وأحرق بَاب الجبية فَعبر الْأَمِير شيخ من بَاب النَّصْر وَأخذ الْمَدِينَة وَنزل بدار السَّعَادَة وامتدت أَيدي النهابة من الغوغاء فَمَا عفوا وَلَا كفوا. وَأخذُوا من المَال مَا يجل عَن الْوَصْف. فَلم يكد أحد يسلم من معرة النهب. وَنزل أَمِير الْمُؤمنِينَ بدار فِي طرف من ظواهر دمشق وتحول الْأَمِير شيخ إِلَى الإصطبل. وَأنزل الْأَمِير بكتمر جلق بدار السَّعَادَة. وَأخذ النَّاصِر يَرْمِي من أَعلَى القلعة يَوْمه وَبَات لَيْلَة الْأَحَد على ذَلِك فَلَمَّا كَانَ يرم الْأَحَد عاشره بعث بالأمير أسندمر أَمِير أخور ليحلف لَهُ الْأُمَرَاء فَكتب نُسْخَة الْيَمين فَحَلَفُوا لَهُ وَوَضَعُوا خطوطهم. وَكتب أَمِير الْمُؤمنِينَ خطه أَيْضا. وَصعد بِهِ إِلَيْهِ نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن مبارك أَخُو الْخَلِيفَة فطال الْكَلَام بَينهمَا وَكثر الترداد بِغَيْر طائل. وَعَاد النَّاصِر إِلَى الرَّمْي من القلعة بمدافع النفط والنشاب. فَركب الْقَوْم وَأَحَاطُوا بِهِ يُرِيدُونَ قِتَاله. فَأرْسل يسْأَل فِي الْكَفّ عَنهُ فضايقوا القلعة خشيَة أَن يفر مِنْهَا فأضطره الْحَال إِلَى أَن نزل لَيْلَة الِاثْنَيْنِ حادي عشره وَمَعَهُ أَوْلَاده يحملهم ويحملون مَعَه وَهُوَ ماش من بَاب القلعة إِلَى الإصطبل حَيْثُ منزل الْأَمِير شيخ فَقَامَ إِلَى لِقَائِه وَقبل لَهُ الأَرْض وَأَجْلسهُ بصدر الْمجْلس وَسكن روعه وَتَركه وَانْصَرف عَنهُ فَأَقَامَ بمكانه إِلَى يَوْم الثُّلَاثَاء ثَانِي عشره فَجمع فُقَهَاء مصر وَالشَّام بدار السَّعَادَة بَين يَدي أَمِير الْمُؤمنِينَ وَقد تحول إِلَيْهَا وسكنها فأفتوا بإراقة دم النَّاصِر شرعا. فَأخذ فِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء من

<<  <  ج: ص:  >  >>