للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الإصطبل وَأنزل بِموضع من قلعة دمشق وَحده وَقد ضيق عَلَيْهِ وأفرد من خدمه إِلَى لَيْلَة السبت سادس عشره دخل عَلَيْهِ ثَلَاثَة أحدهم ابْن مبارك أَخُو الْخَلِيفَة وَآخر من ثِقَات الْأَمِير شيخ وَآخر من ثِقَات الْأَمِير نوروز وَمَعَهُمْ رجلَانِ من المشاعلية فعندما رَآهُمْ ثار إِلَيْهِم ودافع عَن نَفسه فساوره الرّجلَانِ حَتَّى صرعاه بَعْدَمَا أثخنا جراحه. وَتقدم إِلَيْهِ بعض صبيان الفداوية بخنجر فخنقه وَقد أَصَابَته الْجراحَة فِي خَمْسَة مَوَاضِع. فَلَمَّا ظن أَنه قد أَتَى على نَفسه وَقَامَ عَنهُ تحرّك فَعَاد وخنقه مرّة ثَانِيَة حَتَّى قوى عِنْده أَنه هلك تَركه فَإِذا بِهِ يَتَحَرَّك فعاوده مرّة ثَالِثَة وفرى أوداجه بخنجر وسحب بَعْدَمَا سلب جَمِيع مَا عَلَيْهِ من الثِّيَاب. وَألقى على مزبلة مُرْتَفعَة عَن الأَرْض تَحت السَّمَاء وَهُوَ عاري الْبدن يستر عَوْرَته وَبَعض فَخذيهِ سراويله وَعَيناهُ مفتوحتان وَالنَّاس تمر بِهِ مَا بَين أَمِير ومملوك قد صرف الله قُلُوبهم عَنهُ. وغوغاء الْعَامَّة وأراذل الغلمان تعبث بلحيته وَيَديه وَرجلَيْهِ طول نَهَار السبت نكالاً من الله لَهُ فَإِنَّهُ كَانَ مستخفاً بعظمة الله سُبْحَانَهُ فَأرَاهُ الله قدرته فِيهِ: لَا تيأسن على شَيْء فَكل فَتى إِلَى منيته يستن فِي عنق بأيما بَلْدَة تقدر منيته أَلا يُسَارع إِلَيْهَا طالعاً يسق وَقد أخرج الإِمَام أَحْمد من حَدِيث ابْن لَهِيعَة: حَدثنَا يزِيد بن أبي حبيب أَن قيس بن سعد بن عبَادَة - رَضِي الله عَنهُ - قَالَ: إِن رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - قَالَ: من شدد سُلْطَانه بِمَعْصِيَة الله عز وَجل أوهن الله كَيده إِلَى يَوْم الْقِيَامَة. فَلَمَّا كَانَت لَيْلَة الْأَحَد: حمل وكفن بَعْدَمَا غسل وَصلى عَلَيْهِ وَدفن بمقبرة بَاب الفراديس بِموضع يعرف بمرج الدحداح وَلم يكن لَهُ جَنَازَة مَشْهُودَة وَلَا عرف من تولى غسله وكفنه وَيُقَال أَنه تصدق عَلَيْهِ بالكفن فسبحان الْمعز المذل. وَقد كَانَ الْأَمِير شيخ لَا يُرِيد قَتله وعزم على أَن يحملهُ مَعَ الْأَمِير طوغان الدوادار إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة ويسجنه بهَا فَقَامَ الْأَمِير نوروز والأمير بكتمر حلق فِي قَتله قيَاما بذلاً فِيهِ جهدها فَإِن الْأَمِير يشبك بن أزدمر مِمَّن امْتنع من الْمُوَافقَة على قَتله وشنع فِي ذَلِك وَاحْتج بالأيمان الَّتِي حَلَفت لَهُ فتقوى نوروز وبكتمر بالخليفة فَإِنَّهُ اجْتهد هُوَ وَكَاتب السِّرّ فتح الله فِي ذَلِك وحمي الْفُقَهَاء والقضاة على الْكِتَابَة بإراقة دَمه. وتجرد قَاضِي الْقُضَاة نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن العديم الْحَنَفِيّ لذَلِك وكافح من خَالف فِي قَتله وَأشْهد على نَفسه أَنه حكم بقتْله شرعا فَأمْضى قَتله وَقتل كَمَا تقدم ذكره. وَكَانَ النَّاصِر هَذَا أشأم مُلُوك الْإِسْلَام فَإِنَّهُ خرب بِسوء تَدْبيره جَمِيع أَرَاضِي مصر

<<  <  ج: ص:  >  >>