وَيصير مَا بَين موردة الحلفاء وجامع الخطيري ببولاق رمالاً لَا يعلوها المَاء إِلَّا فِي أَيَّام زِيَادَته فَقَط وَلذَلِك خربَتْ منشاة المهراني ومنشأة الكتبة وَخط موردة البلاط وَخط زريبة قوصون وَخط فَم الخور وحكر ابْن الْأَثِير لانْقِطَاع مَاء النّيل عَن هَذِه الْمَوَاضِع وجميعها فِي الْبر الشَّرْقِي وتجاهها من غربيها حسر الخليلي والجزيرة الْوُسْطَى ومجرى النّيل من غربي الجزيرة الْوُسْطَى إِلَى أَن يصل قَرِيبا من جَامع الخطيري فَيصير بَين المَاء وَبَين الْجَامِع جَزِيرَة ظَهرت من حُدُود سنة ثَمَانِينَ وَسَبْعمائة من بحري الجزيرة واتسعت شَيْئا فَشَيْئًا فِي الطول وَالْعرض حَتَّى لم يبْق بِنَاحِيَة بولاق إِلَى أَوَائِل جَزِيرَة الْفِيل شَيْء من مَاء النّيل الْبَتَّةَ وَإِنَّمَا هِيَ أَرض فَإِذا كَانَ أَوَان الزِّيَادَة علاها المَاء ثمَّ ينحسر عَنْهَا إِذا هَبَط فخرب - كَمَا ذكرنَا - بِسَبَب انطراد المَاء عَن الْبر الشَّرْقِي مِمَّا بَين منشأة المهراني وجزيرة الْفِيل أَكثر مَا كَانَ هُنَاكَ من المباني فقصد السُّلْطَان حفر مَا بَين موردة الحلفاء وبولاق ليعود المَاء هُنَاكَ صيفاً وشتاء على الْأَبَد وَأمر فِي يَوْم السبت عَاشر صفر هَذَا أَن يشرع فِي حفره وَندب لَهُ الْأَمِير كزل العجمي الأجرود - أَمِير جاندار - فَنزل وعلق مائَة وَخمسين رَأْسا من الْبَقر لتجرف الرمال. وعملت أَيَّامًا ثمَّ ندب الْأَمِير سودن القَاضِي حَاجِب الْحجاب لهَذَا الْعَمَل فاستمر الْعَمَل بَقِيَّة. صفر وَشهر ربيع الأول: وَفِي هَذَا الشَّهْر: أَيْضا تعامل النَّاس فِي الْقَاهِرَة بِالدَّرَاهِمِ المؤيدية وَسبب ذَلِك أَن نقود مصر الْآن - كَمَا تقدم - هِيَ الذَّهَب والفلوس وَالذَّهَب صَار ثَلَاثَة أَصْنَاف وَهِي: الذَّهَب الهرجة: وَقد قل فِي أَيدي النَّاس وَبلغ كل مِثْقَال مِنْهُ إِلَى مِائَتي دِرْهَم وَخمسين درهما من الْفُلُوس. وَهَذَا الصِّنْف هُوَ الذَّهَب الإسلامي الْخَالِص من الْغِشّ وَهُوَ مستدير الشكل على أحد وجهيه شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله وعَلى الْوَجْه الآخر اسْم السُّلْطَان وتاريخ ضربه وَاسم الْمَدِينَة الَّتِي ضرب بهَا وَهِي إِمَّا الْقَاهِرَة أَو دمشق أَو الْإسْكَنْدَريَّة وكل سَبْعَة مَثَاقِيل زنتها عشرَة دَرَاهِم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute